وفر المنهزمون من اليرموك حتى بلغوا دمشق، وأما هرقل فإنه لما بلغه خبر اليرموك وكان بحمص تركها وولى عليها رجلاً وجعلها بينه وبين المسلمين، وودع سوريا الوداع الأخير.
وتوجه المسلمون بعد ذلك إلى الأردن، وطهرها مما بقي فيها من جنود الروم، ثم تابعوهم إلى دمشق حيث حاصروهم هناك.
وبلغ عدد الشهداء من المسلمين ثلاثة آلاف شهيد بينهم كثير من كبار الصحابة مثل سعيد بن الحرب بن قيس السهمي، ونعيم النحام، والنضير بن الحارث، وأبو الروم عمير بن هشام أخو مصعب بن عمير. وكان في جنود هذه المعركة ألف صحابي منهم مائة ممن شهد بدراً [٢٣] .
وغنم المسلمون كل ما كان في معسكر الروم، وكان شيئًا عظيماً حتى خص الفارس من النفل ألف وخمسمائة درهم [٢٤] أو ألف وخمسة دراهم [٢٥] ، وكانت الموقعة الفاصلة عند اليرموك في شهر جمادى الآخرة من السنة الثالثة عشرة من الهجرة بعد أن مكث المسلمون قرابة أربعة أشهر لا ينالون من الروم، ولا ينال منهم.
ولما انتهت المعركة، وطارد المسلمون الروم حتى حاصروهم في دمشق أظهر خالد الكتاب الذي جاء به البريد، فإذا هو نعي للخليفة، وعزل لخالد من الإمارة وتولية لأبي عبيدة بن الجراح إمارة الناس، وعندئذ قال خالد -رضي الله عنه- وهو يعلن وفاة الخليفة وتولية عمر:(الحمد لله الذي قضى على أبي بكر بالموت، وكان أحب إلى من عمر والحمد لله الذي ولي عمر، وكان أبغض إلى من أبي بكر، وألزمني حبه)[٢٦] .
وفاة الصديق:
ونحن نلاحظ خلافاً في تاريخ وفاة الصديق -رضي الله عنه- ينبغي أن يحقق، فالطبري وابن الأثير وابن كثير والسيوطي والبلاذري كلهم مجمعون على أن الوفاة كانت في جمادى الآخرة وهذا أمر لا خلاف فيه بين المؤرخين.
وكما اتفق المؤرخون على الشهر الذي توفي فيه الخليفة، فهم كذلك متفقون على أن الوفاة كانت في السنة الثالثة عشرة من الهجرة.