ولكن اعتمد منهج الإمام السيوطي في كتابة التاريخ على تربيته ونشأته التي كانت في أسرة انقطع معظم رجالها لطلب العلم والاشتغال بالتعليم، فتعلم تعليماً دينياً عالياً وشغل منصباً في الجهاز الحكومي المملوكي حينذاك لفترة، وقد أثرت عقليته الموسوعية في منهجه في كتابة التاريخ الذي اعتمد على سعة الإطلاع وغزارة الإنتاج، وقد وجد علم التاريخ في عهد السيوطي انتعاشاً واهتماماً كبيراً، فالسخاوي أحد معاصري السيوطي ومنافسيه ألف كتابا سماه (الإعلان بالتوبيخ لمن ذم أهل التاريخ) وربما كانت المنافسة شديدة بين من يكتبون في التاريخ كعلم عام وبين من يهتمون بمسائل علمية أخرى.
وتظهر موسوعية الإمام السيوطي في هذا الكتاب حسن المحاضرة بعدد الكتب التي رجع إليها وكثرة المصادر التي نقل منها ورغم ذلك فإنه يعالج موضوعات هذا الكتاب بطريقة (تصلح لمسامرة الجليس وتكون للوحدة نعم الأنيس) فهو ينقل عن غيره مثلاً في وصف مصر أنها إقليم العجائب ومعدن الغرائب وكانت مدناً متقاربة على الشطين كأنها مدينة واحدة والبساتين خلف المدن متصلة كأنها بستان واحد والمزارع من خلف البساتين حتى قيل: أن الكتاب كان يصل من الإسكندرية إلى أسوان في يوم واحد يتناوله قيم البساتين من واحد إلى واحد، وقد دمر الله تلك المعالم وطمس على تلك الأحوال والمعدن [٨] .