للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنه لما داهم المدينة الغوغاويون من مصر، مطالبين الخليفة بعزل والي مصر والقصاص منه حيث قتل رجلاً منهم ظلماً، وهاجت الفتنة في المدينة، ودخل عثمان بيته فكان لا يقدر على الخروج منه، دخل عليه المغيرة بن شعبة فقال له: إنك إمام العامة، وقد نزل بك ما ترى وإني أعرض عليك خصالاً ثلاثاً: إما أن تخرج فتقاتلهم فإن معك عدداً وقوة، وأنت على الحق وهم على الباطل، وإما أن نخرق لك باباً سوى الباب الذي هم عليه فتقعد على راحتك فتلحق بمكة، فإنهم لن يستحلوك وأنت بها، وإما أن تلحق بالشام فإنهم أهل الشام ومعهم معاوية، فقال رضي الله عنه: أما أن أخرج فأقاتل فلن أكون أول من خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمته بسفك الدماء، وأما أن اخرج إلى مكة فإني سمعت رسول الله صلى اله عليه وسلم يقول: يلحد رجل من قريش بمكة يكون عليه نصف عذاب العالم فلن أكون أنا، وأما أن ألحق بالشام فلن أفارق دار هجرتي ومجاورة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرفض عثمان كل هذه المقترحات صابراً محتسباً، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوماً: يا عثمان أنه لعل الله يُقَمِّصُكَ قميصاً، فإن أرادك المنافقون على خلعه حتى تلقاني، وكذلك كان أراده المنافقون أن يخلع نفسه من إمارة المسلمين، وهي القميص، فلم ير ذلك وصبر للبلاء حتى لقي الله تعالى شهيداً مخضباً بدمه في منزله بجوار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرضي الله عن عثمان وأرضاه.

سخاؤه وكرمه:

إن السخاء والكرم من صفات الكمال في الداعي، وقد لا يعثر على داعية إسلامي كان عارياً من صفة السخاء والكرم، إذ ضدهما الشح والبخل وهما من عوائق الدعوة. إذ الناس بفطرتهم لا يؤثر فيهم إلا من يكرمهم ويسخوا عليهم أما من يهينهم ويبخل عليهم فلا يستجيبون له نداء، ولا يقبلون منه دعوة.