إلا أن عير قريش كانت قد مرت من قبله، فلم يحدث اشتباك، وصالح بني ضمرة وحالفها، وكان بينه وبينها كتاب جاء فيه " بسم الله الرحمن الرحيم: هذا كتاب من محمد رسول اله لبني ضمرة بأنهم آمنوا على أموالهم وأنفسهم، وأن لهم النصرة على من رامهمم إلا أن يحاربوا في دين الله ما بل بحر صوفة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم إذا دعاهم إلى لنصره أجابوه. عليهم بذلك ذمة الله، وذمة رسوله ".
وكانت هذه الغزوة أول غزوة للرسول صلى الله عليه وسلم غاب فيها عن المدينة خمس عشرة ليلة [٣] .
٢- وفي العام الثاني من الهجرة وفي شهر رجب بعث الرسول صلى الله عليه وسلم عبد الله بن جحشً الأسدي، ومعه جماعة من المهاجرين. وقال الرسول صلى الله عليه وسلم عند ما بعثه على رأس السرية:" لأبعثن إليكم رجلا أصبركم على الجوع والعطش " وأطلق عليه الرسول صلى الله عليه وسلم لقب أمير المؤمنين، فكان أول من تسمى به في الإسلام. ودفع إليه بكتاب وأمره ألا ينظر فيه إلا بعد يومين من مسيره، فإذا نظر فيه ووعى ما كلفه الرسول به، مضى في تنفيذه غير مستكرهٍ أحداً من أصحابه.
فسار عبد الله ثم قرأ الكتاب بعد يومين فإذا فيه: امض حتى تنزل نخلة بين مكة والطائف فترصد بها قريشاً وتعلم لنا أخبارهم.
فقال عبد الله:" سماع وطاعة " وأطلع أصحابه على كتاب الرسول صلى الله عليه وسلم قائلاً: إنه نهاني أن أستكره أحدا منكم فمن كان يريد الشهادة ويرغب فيها فلينطلق معي، ومن كره ذلك فليرجع، فأما أنا فماضٍ لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم. فمضى ومضى معه أصحابه لم يتخلف منهم أحد، إلاَّ أن سعد بن أبي وقاص، وعتبة بن غزوان ذهبا يبحثان عن بعير كانا يعقبانه وكان قد ندَّ فأسرتهما قريش ...