ومضى عبد الله برفاقه حتى نزل أرض نخلة. فمرت عير قريش، فهاجهما عبد الله ومن معه، فقتل في هذه المعركة عمرو بن الخضرمي، وأسر اثنان من المشركين، وعاد عبد الله إلى المدينة ومعه العير والأسيران.
وهكذا عرف الرسول صلى الله عليه وسلم أن السَّرِّية فيها النصر والغلبةُ على الأعداء.
وقد وقع هذا القتال في آخر شهر رجب أي في الشهر الحرام، فلما قدم عبد الله وأصحابه على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام" ووقف التصرف في العير والأسيرين، ووجد المشركون فيما حدث فرصة لاتهام المسلمين بأنهم قد أحلوا ما حرم الله وكثر في ذلك القيل والقال حتى نزل الوحي حاسماً هذه الأقاويل، ومؤيداً مسلك عبد الله تجاه المشركين [٤] .
وبنزول هذه الآية سعد المسلمون وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم قضاء عبد الله في الغنيمة، وقبض على الأسيرين وهما عثمان بن عبد الله، والحكم بن كيسان، فبعثت قريش تطلب فداءهما فقال الرسول صلى الله عليه وسلم:" لا نفديكموهما حتى يقدم صاحبانا فإنا نخشاكم عليهما -يعني سعدا وعتبة- فإن تقتلوهما نقتل صاحبيكم ".
وقدم سعد وعتبة، فسلم النبي عليه الصلاة والسلام الأسيرين، وأعلن أحدهما وهو الحكم بن كيسان إسلامه وبقي بالمدينة، ومات شهيداً في مؤتة. أما عثمان بن عبد الله فقد عاد إلى مكة ومات بها كافراً.