كان الرسول عليه الصلاة والسلام يرمي إلى القضاء على اقتصاديات قريش كما بينت، وكان يرى في ذلك إضعافاً لقوتها العسكرية. وكان قد علم بخروج قافلة كبيرة لقريش قيل أنها جمعت جميع أموالها حتى أنه لم يبق بمكة قرشي ولا قريشة يملك مثقالاً فصاعداً إلا بعث به في تلك القافلة ...
وقدرت أموالها بخمسين ألف دينار، وحملت تجارتها على ألف بعير يقودها أبو سفيان ومعه سبعة وعشرون رجلاً وفي رواية أخرى تسعة وثلاثون منهم مخرمة بن نوفل، وعمرو بن العاص، ورأى الرسول صلى الله عليه وسلم أن القضاء على هذه القافلة فيه هدم لاقتصاديات قريش بالإضافة إلى إضعاف مركزها العسكري، وما ينتج عن ذلك من زيادة قوة المسلمين، ورفع روحهم المعنوية.
وبهذا سار الرسول صلى الله عليه وسلم إلى العشيرة. إلا أن القافلة كانت قد مرت فرأى عليه الصلاة والسلام أن ينتظر عودتها، وبعث الرسول عليه الصلاة والسلام طلحة بن عبيد الله، وسعيد بن زيد ينتظران عودة القافلة فنزل على كشد الجهني بالحوراء، وأقاما عنده في خباء حتى مرت العير، فأسرعا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يفيضان إليه بأمرها، وما رأيا منها.
ولم ينتظر الرسول صلى الله عليه وسلم عودة رسوليه إلى الحوراء، فقد كان يخشى أن تفوته في عودتها كما فاتته في ذهابها إلى الشام.
ولهذا دعا المسلمين وقال لهم:" هذه عير قريش فيها أموالهم فاخرجوا إليها لعلَّ الله ينفلكموها "[٦] .
ولم يعزم الرسول صلى الله عليه وسلم على أحد بالخروج، ولم يستحث متخلفاً فخف بعضهم وثقل بعضهم [٧] .
ثم سار الرسول صلى الله عليه وسلم بمن أمكنه الخروج، وكان الذين صحبوا الرسول هذه المرة يحسبون أن مضيهم في هذا الوجه لن يعدوَ ما ألفوا في السرايا الماضية، ولم يدر بخلد واحد منهم أنه مقبل على يوم من أخطر أيام الإسلام، ولو علموا لاتخذوا أهبتهم كاملة، ولتسابقوا في الخروج ولم يبق منهم أحد ...