وإنه ليسعدني بوجه خاص أن هذه الدعوة تحقق لي حلماً جميلاً طالما دغدغ خيالي، فكتبت وخطبت وحاضرت في توجيه العزائم والأذهان إليه ... وفي كتابي الموسوم بعنوان (أفكار إسلامية) بحث مفصل لما أتصوره من موجباته وعناصره وأهدافه.. ولولا بعض التطورات المتصلة بموضوع الأدب مما أعقب ذلك البحث، خلال العشر السنوات الماضية، لاكتفيت بتقديمه إلى هذه الندوة الموقرة دون أي تعديل.. ومن هنا كان شكري لفضيلة الرائد الإسلامي الكبير الشيخ أبي الحسن أمتع الله بحياته مزدوجاً، فهو شكر على تحقيق حلمي الذي فاتحت به العديد من إخواني في هذه الديار أثناء رحلتي السابقة للهند، وهو أيضا شكر، بل تهنئة قلبية، لندوة العلماء لنهوضها بهذا الواجب الذي ليس أحق به من حملة الفكر الإسلامي في شبه القارة الهندية، التي قدمت ولا تزال تقدم لعالم الإسلام قمماً من الرجال الذين أهدوا إليه روائع من إبداعهم في مجال العلوم الإسلامية، وبخاصة الحديث الشريف الذي يكاد وقفاً عليهم في هذا العصر.. وحسبهم أن منهم العلمين العالمين اللذين أثبتا بصماتهما على ثقافة الجيل الإسلامي المعاصر، إذ كان أحدهما الشيخ أبو الحسن الندوي صاحب الصوت الأعلى في الدعوة العملية إلى تعليم إسلامي صميم متحرر من سلطان الغرب والشرق، ومجدد لبناء الشخصية الربانية على أسس الكتاب والسنة ومناهج السلف الصالح.. وكان ثانيهما الإمام أبا الأعلى المودودي تغمده الله برضوانه، ذلك السابق المجلّي في مجال الفكر العلمي، الذي رفع لواء المعرفة الإسلامية فوق سائر المذاهب الجاهلية، وقدم لهذا الجيل المخطَّطَ المحكم لنهضة واعية قادرة على مواجهة كل مشكلاته العالمية بالحلول الإسلامية الحاسمة ...