(٧) لقد أدى تدهور الثقافة في أوساط الشعبية -في البلاد العربية- إلى شيوع اللحن ومجانبة العربية السليمة، ومن ثم انتشار الأدب العامي الذي زاد في تشتيت المجموعة العربية، حتى لا يكاد يفهم العربيُّ العربيَّ إلا على طريق اللسان الوسيط، ومع أن التقدم الواسع في نطاق التعليم والنشر، قد ساعد على تفتيت الكثير من تلك الحواجز، فلا يزال لذلك الأدب العامي سوقة الرائجة في مختلف بلاد العرب، وهو منافس خطير للأدب الإسلامي الذي نريده، والذي نراه أن أفضل مقاوم لهذا الواغل هو العناية بتفصيح العامية، وأعني بها إقبال الأديب الإسلامي على تتبع المفردات الفصيحة في لغات العامة، واستعمالها في عرض مناسب خلال تعابيره، دون أن يُقيم وزناً لمقاييس البلاغيين الذين يرون ذلك من معايب البيان العربي، وبذلك نكسب المزيد من القراء في الوقت الذي نربح الرشيق الجميل الذي كان محجوبا من لغتنا الحبيبة، وبذلك يقترب أولو المواهب الشعبية من لغتهم الأم، حتى يأتي اليوم الذي يلجئون فيه إلى الأسلوب الفصيح في الإعراب عن مشاعرهم. بيد أن هذا التدبير سيظل مشلولاً حتى يمسك المدرسون وأولو العلم عن هجرهم الفصحى خلال الدروس وفي المواقف الأخرى، فيرفعوا بذلك أسلوبهم التعبيري، ويرفعوا مستويات مَن حولهم ممن لا يجدوا مفراً عن محاكاتهم والتأثر بهم من الأهلين والطلاب والإخوان.