للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لمَّا ذكر تعالى حكم الإحصار وهو أن يُمنَع الحاجُّ من دخول الحرم بسبب عدوٍّ حال بينه وبين دخول مكة للأداء المناسك، أو بسبب مرض كذلك، قياساً على المنع بالعدو، فيذبح أو ينحر ما تيسر له نحره أو ذبحه، ويتحلل من إحرامه ويعود إلى أهله، ولا شيء عليه بعد ذلك.

وكذلك ذكر حكم من مرض وهو محرم فاضطرَّ إلى تغطية رأسه، أو لبس ثيابه، أو حلق شعره لأذى في رأسه، وهو أنه يفعل ما اضطر إليه، ويفدي، والفدية واحدة من ثلاث: صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين، أو ذبح شاه.

لما ذكر تعالى هذين الحكمين" حكم الإحصار، وحكم المرض عقَّب على ذلك بحكم التمتع، فقال عز وجل: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} الآية.

يريد تعالى أن على المسلم إذا أحرم بالعمرة في أشهر الحج: شوال أو القعدة أو العشر الليالي الأول من شهر الحجة، فأدّاها بأن طاف وسعى وحلق أو قصر، ثم تحللَّ فلبس الثياب ومسَّ الطيب وتمتع بكل ما كان محظوراً عليه وبقي في مكة ينتظر الحج، فإذا جاء يوم التروية أحرم بالحج وحج.

إن على هذا المتمتع بالعمرة إلى الحج ما تيسر له من الهدي، شاة أو بقرة أو بدَنة (بعير) ، فإن لم يجد ما يهديه، إما لعدم وجود نقود زائدة على نفقته في سفره، أو لعدم وجدود الهدي نفسه، فإن الواجب عليه عندئذ أن يصوم ثلاثة أيام في الحج أي ما بين تحلله من العمرة ويوم عرفة، وإن صام السابع والثامن والتاسع من شهر الحجة، أجزأ، وإن صام السادس والسابع والثامن، كان خيراً وأفضل..

ثم إذا عاد إلى أهله صام سبعة أيام، وبها يكون قد أتم صيام عشرة أيام كاملة، وذلك المطلوب في حق من تمتع بالعمرة إلى الحج مفرداً للعمرة عن الحج، أو قارناً لها معه.