للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وينكر عليهم سبحانه وتعالى ويوبخهم ألاَّ يروا ما تضمنته من نعم توجب على هؤلاء المنعم عليهم {لَوْ كَانُوا يُبْصِرُونَ} أن يشكروا الله عليها وأن يخلصوا العبادة له وحده.

وفي الآية الأولى ينكر الله سبحانه وتعالى على الذين اتخذوا العجل إلهاً أن لم يروا الرؤية التي ترشدهم إلى أنه لا يصلح أن يكون إلهاً، ويوبخهم بذلك.

والإنكار هذا بمعنى لا ينبغي، ويجيء أحياناً في غير هذا الموضع بمعنى النفي المحض.

والفعل المضارع في صيغة الاستفهام هذه {ألم يروا أن ... } مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون، وواو الجماعة ضمير مبني على السكون في محل رفع فاعل، والفعل المضارع في {أو لم ير الذين ... } مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف الألف والذين اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل.

و {ير} في هذه الصيغة بمعنى يعلم فهي تتعدى إلى مفعولين، و (أَنَّ) من نواسخ المبتدأ والخبر تنصب الأول وترفع الثاني وهي حرف مصدري تؤوَّل هي وخبرها بمصدر في محل نصب يسدّ مسدّ مفعولي {يَرَ} في هذه الصيغة، و (أَنَّ) فوق هذا وذاك حرف توكيد، تؤكد مضمون جملتها، ومضمون الجمل التي أكدتها في الآيات السابقة جدير بالتوكيد، لأنها ماعدا الآية الأولى أخبار عن الله سبحانه وتعالى، فجاء توكيدها اهتماماً بما تضمنته ومزيد عناية به.

أما في آية قوم موسى الذين اتخذوا العجل إلهاً فقد جاء التوكيد لتنزيلهم منزلة المنكرين. والواو الواقعة بين همزة الاستفهام و (لم) عاطفة على ما قبل الهمزة، وهذا رأي سيبويه والجمهور، وزعم الزمخشري أنها عاطفة على فعل مقدر بين الهمزة والواو، وأبو السعود في تفسيره ممن يرون رأي الزمخشري في هذه المسألة، وربما كان أكثر المفسرين عناية بتقدير المعطوف عليه لكل واو أو فاء تجيء بعد همزة الاستفهام، وقد قدَّر المعطوف عليه في الآية التاسعة من الآيات المتقدمة الذكر (ألم يتفكروا أو لم يلاحظوا) [٢] (٢) .