والحالة الثانية: أن يتحد الحكم ويختلف السبب كما في هذه الآية، فإن الحكم متحد وهو عتق رقبة، والسبب مختلف وهو قتل خطأ وظهار مثلا؛ ومثل هذا المطلق يحمل على المقيد عند الشافعية والحنابلة وكثير من المالكية، ولذا أوجبوا الإيمان في كفارة الظهار حملا للمطلق على المقيد خلافا لأبي حنيفة.
ويدل لحمل هذا المطلق على المقيد، قوله - صلى الله عليه وسلم - في قصة معاوية بن الحكم السلمي:"اعتقها فإنها مؤمنة" ولم يستفصله عنها هل هي كفارة أو لا، وترك الاستفصال ينزل منزلة العموم في الأقوال، قال في مراقي السعود:
منزلة العموم في الأقوال
ونزلن ترك الاستفصال
الحالة الثالثة: عكس هذه، وهي الاتحاد في السبب مع الاختلاف في الحكم؛ فقيل: يحمل فيها المطلق على المقيد، وقيل: لا, وهو قول أكثر العلماء ومثاله: صوم الظهار وإطعامه، فسببهما واحد وهو الظهار وحكمهما مختلف لأن هذا صوم وهذا إطعام، وأحدهما مقيد بالتتابع وهو الصوم والثاني مطلق عن قيد التتابع وهو الإطعام، فلا يحمل هذا المطلق على المقيد.
والقائلون بحمل المطلق على المقيد في هذه الحالة مثلوا له بإطعام الظهار، فإنه مقيد بكونه قبل أن يتماسا، مع أن عتقه وصومه قيدا بقوله:{مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} ، فيحمل هذا المطلق على المقيد فيجب كون الإطعام قبل المسيس.
ومثّل له اللخمي بالإطعام في كفارة اليمين حيث قيد بقوله:{مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} ، وأطلق الكسوة عن القيد بذلك حيث قال:{أَوْ كِسْوَتُهُمْ} ، فيحمل المطلق على المقيد فيشترط في الكسوة أن تكون من أوسط ما تكسون أهليكم.