والمسجد قريب من الفندق الذي نزلنا فيه، وعندما دخلنا المسجد كان قد حان وقت المغرب، فأذن المؤذن، والتقينا بذلك الشيخ الكبير الذي تضرب لحيته في نصف صدره، طويل القامة، وقور، وفرح بنا أيما فرح حتى لقد اغرورقت عيناه بالدموع، وأراد منا أن نصلي بالناس ولكنا أصررنا على أن يصلي هو، لأنه إمام المسجد، وصلى بنا، وبعد الصلاة جلسنا نتذاكر معه أحوال المسلمين ونتعرف عليه هو، فظهر أن له في هذا المسجد ستة عشر عاماً يسكن في منزل صغير تابع للمسجد وهو يتكلم باللغة العربية وكان المصلون قليلين بسبب انهمار المطر المستمر، وكان في تلك اللحظات قد خف قليلاً وأبدى حزنه وأسفه الشديد على الحالة التي يعيشها المسلمون في هذه البلاد، وقال إن الدول الإسلامية مسؤولة عنا وقد نسيتنا ههنا فلم تبعث لنا من يعلم أبناءنا.
وهذا المسجد يخشى عليه من السقوط وهو لا يتسع للناس أيام الجمع ولا أيام الأعياد وبدأ الناس يفدون إلى المسجد فكان من جاء صلى وجلس معنا وكلهم متفقون على ضرورة بعث من يقوم بدعوة المسلمين وتعليمهم وإنشاء مدرسة، ووعدناهم بأننا سنعمل جهدنا في إبلاغ الجهات المختصة بذلك ورجونا الله لهم التوفيق، كما حرضناهم على بذل -جهدهم في الحفاظ على أولادهم وطلبنا من الشيخ الإمام أن يكرس جهوده في تعليم أبناء المسلمين مبادئ الدين الإسلامي واللغة العربية في المسجد.
ولكنه قال: أبناء المسلمين لا تفيدهم إلا مدرسة فيها المواد الإسلامية والمواد الأخرى.
بقينا معهم إلا أن صلينا العشاء، ورجعنا إلى الفندق، وذهب الأخ محمد أحمد إلى منزله على أن يعود إلينا في الغد.
المكالمة الهاتفية:
وفي هذه الليلة -أي ليلة السبت- كان الزميل يحاول الاتصال هاتفياً ببعض طلبة الجامعة الإسلامية الباكستانيين في كراتشي لنشعره بقدومنا حتى يحجز لنا غرفة في الفندق، وسيكون وصولنا في آخر الليل نحتاج إلى من يرشدنا.