لا شك أن أسلوب هذه الرسالة إن من جهة الصياغة أو المضمون لم يعد مألوفا في الأوساط الدبلوماسية المعاصرة، غير أن الذي يهمنا منها الآن شيئان: الأول أنها تعبر عن سمو المنزلة التي كانت تحتلها الدولة الإسلامية في القرن السادس عشر، والثاني أنها لم تكن مجرد تبجح وكلام فارغين، فيها أن صاحبها يعززها بفعال مجيدة لعلها أقوى في عالم الواقع من معاني هذه الرسالة في عالم الرسائل، وآية ذلك أنه ما كاد يحل اليوم الخامس عشر من نيسان سنة ١٥٢٦حتى كان السلطان نفسه مع وزرائه الثلاثة على رأس جيش جرار في طريقة إلى بلاد المجر (هنغاريا) ، وكان هذا الجيش مؤلفا من مائة ألف مقاتل مدججين بأحدث الأسلحة المعروفة لذلك العصر، منها ثلاثمائة مدفع، ومزودين بثمانمائة سفينة تمخر نهر الدانوب (الطونة) لنقل الجنود والعتاد من جهة إلى أخرى عند الضرورة ...