للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جبالي متطاولة في الفضاء، وقد ضيفت الثلوج فوق القمم، فحينا تبرح وترحل، وحينا تقيم ولا تريم، ترتدي السحب تارة فلا يبدو لك منها شيء، وتتعرى حينا فتبدي كثيرا من الزينة، أشجار على السفوح يتهادى فيها النسيم فتميس أغصانها عجبا ودلالا، وتعصف فيها الرياح فتخر ركعا وسجودا، وصخور رقدت في مضاجعها مطمئنة، نائمة، حالمة؛ وصخور نتأت غاضبة، متحدية، ترى فيها الخصام والشر والتحفز.

وأودية وشعاب بين هذه الجبال، عميقة، سحيقة، يضل فيها النهار، ويضيع فيها البصر.

وعلى السفوح عيون ومياه تنحدر عجلى، تغني وتنشد فرحا بلقاء أمها بعد فراق طويل.

وعلى وجهي مروج فسيحة، مطمئنة، مخضرة، ضاحكة، بهيجة، تلقاك بلطف، وتنساب إلى نفسك برفق، وتجذب عينيك برقة، فلا تبغيان عنها حولا ولا تملان إليها نظرا، وتودان لو بقيت طويلا تمتعهما، وتستمتع.

وعلى مسافات تطول وتقصر، تشق ثراي أنهار على موعد مع البحر، تارة تخشى أن يفوتها، فتعدو غاضبة، معربدة الدفق، لها زمجرة وزبد، وتارة تعروها الثقة، فتسير الهوينى، هادئة الأنفاس، قد سكت عنها الغضب.

وعلى شواطئ بحاري جمال, وجلال, وخيال، وأناشيد، وقصائد شعر تروى دون نهاية، وقصائد حب وسلام وغزل، ترويها الأمواج إلى الرمل، وقصائد سخط وخصام وملل، تلقيها الأمواج على الصخر.

ولا أخلو من صحارى مسفرة لا تتبرج ولكنها جميلة، تعشقها الأنفس، وتهواها الأفئدة، حين تسيل على وجهها أشعتك، وتغشاها سكينة الليل، فتسمو بمن فيها إلى آفاق واسعة عميقة من الجمال والجلال والمهابة، وتقربهم فيها إلى الله.

هكذا خلقت وهكذا أعيش أيها الأخ الحبيب، أما أنت...!!

أختك المشتاقة: الأرض