كذلك قال الله في وصف هذه الأمة:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}(آل عمران ١١٠) .
هذا الوصف الرباني، هذا التقرير الرباني لهذه الأمة، أنها خير أمة أخرجت للناس، وأنها شاهدة على البشرية كلها، وقائدة لها ورائدة، كيف تحول إلى هذا الهوان الذي تعيشه الأمة الإسلامية؟ هل يتخلف وعد الله؟ حاشا لوعد الله أن يتخلف، وهو الوعد الحق والله أصدق القائلين، ماذا حدث إذن؟ كيف نفسر القرون الثلاثة الأخيرة من حياة المسلمين، التي انحدروا فيها تباعاً، وظلت قوتهم تتضاءل بينما ظلت قوة أعدائهم تتصاعد، حتى غلب عليهم أعداؤهم وغزوهم في عقر دارهم، ومزَّقوا العالم الإسلامي مزقاً، ودخلوا لا الأرض والديار فقط، بل القلوب والأرواح، يغزوننا بما نصطلح على تسمينه "الغزو الفكري".
كيف حدث ذلك؟ كل شيء بقدر، نعم، ولكن قدر الله يجري من خلال أعمال الناس:-
يظهر الفساد في البر والبحر بقدر من الله، نعم، لكن بما كسبت أيدي الناس، فقدر الله مرتبط بأعمال الناس في الأرض: هل يستقيمون على النهج أم يحيدون عنه؟ وبحسب سلوك الناس في الأرض يجري قدر الله.