للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أرسل الله من العلماء من يذكِّرُ هذه الأمة بقضية عقيدتها، من ينقي لها تلك العقيدة مما شابها من أخلاط ليست منها، وكان في مقدمة أولئك شيخ الإسلام ابن تيمية رضي الله عنه، وبعث الله قادة من قادة المسلمين يذكرونهم، كما فعل "صلاح الدين"بأنهم غلبوا على أمرهم لأنهم نسوا الله، وشردوا عن دينه الصحيح، فيجب عليهم أن يعودوا إلى الدين، يجب عليهم أن يعودوا إلى النهج الصحيح، لينصرهم الله واستجابت الأمة، سواء وراء "صلاح الدين"في حربه للصليبين، أو رواء "قطز"في حربه للتتار، وصيحة "قطز" الشهيرة.. "وا إسلاماه"حين دخل المعركة الفاصلة بينه وبين التتار، بهذه الصيحة العظيمة "وا إسلاماه"وتغير مجرى التاريخ، لقد كان التتار قد خرجوا من ديارهم في رحلة مخربة مدمرة لم يتوقفوا فيها أبداً خلال ألوف من الأميال حتى دخلوا عاصمة الخلافة "بغداد"وعاثوا فيها فساداً بأبشع ما يعيث جيش غازٍ، جيش بربري، جيش لا يعرف للرحمة سبيلاً ولا معنى من معاني الإنسانية: يُقتِّل.. يُذبِّح.. لقد ألقوا بكتب المكتبة الكبرى في بغداد، ألقوا بها في النهر لتعبر عليها خيولهم، وحولوا مجرى النهر دماً أحمر أربعين يوماً وليلةً من المذابح التي أوقعوها بالمسلمين، ووصل الذل بالمسلمين يومئذ إلى حد أن التتري في بغداد كان يمر بالمسلم، والتتري ليس معه سلاح فيقول للمسلم: قف مكانك حتى أذهب إلى بيتي فآتي بالسيف فأقتلك، فيقف المسلم مكانه حتى يأتي التتري بالسيف ويقتله.