للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا أنسى ما حييت منظر بائع متجول في نيجيريا يبيع الفاكهة والثمار يأتي ويجلس في جانب الدار ليبيع ما قدر له، ولا يمل من قرب، إذا غبت عنه يؤثر البقاء في الظل ولو طال الوقت وعلى وجهه بسمة مشرقة لا تفارقه اشترى الناس منه أو أعرضوا عنه.. خرجت يوما وقد تعودنا عليه فوجدته قد بدأ التلاوة في سورة الأعراف فلم أخاطبه في بيع أو شراء وآثرت أن أسمع وهو يتلو حتى فرغ من القراءة فلم يقع في لحن ولا خطأ مع طول ما قرأ، وكنت قد تعودت عند البيع والشراء أن استعمل أصابه اليد في تحديد السعر من أخذ وعطاء. أليس دليلا على تيسير الله وهدايته أن ترى ماهرا في القرآن من وصفت حاله ولسانه فلا يتتعتع فيه ولا يكون عليه شاقا، أليس هذا دليلا على عزة القرآن وغلبته أن تتوحد الألسنة المختلفة عند تلاوته كما تتوحد القلوب المتنافرة بتوفيق من الله عند جبله. وقد تعجز جميع الوسائل من أن توحد بين اللهجات المختلفة لأصحاب اللغة الواحدة واللسان الواحد كما تعجز في إنفاق ما في الأرض جميعا أن تؤلف بين قلبين لا يجمعهما الإيمان ونفسين لا يقود سعيهما القرآن {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}

(الاسراء ٩) .