لعلنا على اتفاق أن حاجتنا الملحة هي تنمية شبابنا ليكون عنوان الأمة والناطق بلسانها والذائد عن حياضها. إذا وجدت غريقا جائعا يستغيث من الغرق والجوع فإن منطق العقل والحكمة والحاجة يقتضي أن تنقذه أولا ثم تذهب فتبحث له عن طعام، وإن أنت تصرفت على غير هذا النحو تكون قد جافيت الصواب، وأخطأت التصرف.
ماذا نقول عنك لو أنك تركته لأمواج البحر تبتلعه، وذهبت تبحث له عن طعام؟
وإنها لتنمية تعلو في درج المشقة، درجات، وتمضى في مشوار الصعوبة أشواطا، وتتقدم على التنمية المادية بمسافة شاسعة، إذ ليس بناء النفس كتشييد العمارات، ولا تعمير الأرواح كتأسيس المصارف، الأمر إذًا يحتاج منا إلى منهج رشيد وجهد مكثف يقرب البعيد، ويسهل الصعب ويجعل القول عملا والخيال واقعا.
ونحن لا نقلل من أهمية التنمية المادية المتمثلة في النهوض بالناحية الاقتصادية والزراعية وغيرهما، ولكن الذي نعيبه هو الانشغال بها عن التنمية الروحية والتربية الدينية.. فهلا سارت التنميتان معا كركبتي بعير، أو كفرسي رهان، إن لم تتقدم الثانية على الأولى.
مظاهر الاهتمام بالشباب:
لم يبدأ اعتناء الإسلام بالشباب عند بلوغهم سنَّ الشباب، بل اعتنى بهم وهم نطف في أصلاب آبائهم وترائب أمهاتهم وذلك حين دعا إلى:
١ـ اختيار الزوجة والتحري من كرم أصلها وطيب منبتها؛ لأن الإنسان إذا أراد أن يبذر بذرا اختار له الأرض الصالحة بغية أن يخرج نباته بإذن ربه، والأمر بالنسبة للزوجة أجل خطابا وأعظم هولاً، لأنه إنتاج بشري وذاك إنتاج زراعي، وفرق شاسع بين إنتاج وإنتاج، فلا عجب إن دعا الإسلام إلى التدقيق في اختيار الزوجة والنظر إليها والوقوف على أخلاقها ودينها حتى يكمل الانسجام، وتزداد المحبة، وصولا إلى عش الزوجية الهادئ الذي يستقبل الأبناء في عطف وحنان فيترعرعون في ظله؛ ليقدمهم إلى المجتمع رجالا أصلاء ونساء عريقات.