يقول ابن كثير:" وقد كسا الله الشيخ حلة من المهابة والإيمان والتقى ولقد قال أحد الذين شاهدوا اللقاء، كنت حاضرا مع الشيخ فجعل يحدث السلطان بقول الله ورسوله في العدل ويرفع صوته ويقرب منه.. والسلطان مع ذلك مقبل عليه مصغ لما يقول شاخص إليه لا يعرض عنه؛ وإن السلطان من شدة ما أوقع الله في قلبه من الهيبة والمحبة سأل من هذا الشيخ؟ إني لم أر مثله ولا أثبت قلبا منه ولا أوقع من حديثه في قلبي ولا رأيتني أعظم انقيادا لأحد منه فأخبر بحاله وما هو عليه من العلم والعمل ".
ومما خاطبه به في هذه المقابلة وعن طريق الترجمان:" قل لقازان أنت تزعم أنك مسلم [٣] ، ومعك قاض وإمام وشيخ ومؤذنون على ما بلغنا وأبوك وجدك كانا كافرين وما عملا الذي عملت عاهدا فوفيا وأنت عاهدت فغدرت وقلت فما وفيت وجرت ثم خرج بعد هذا القول من عنده معززا مكرما ".
ويقول صاحب كتاب: القول الجلي في ترجمة ابن تيمية الحنبلي عن هذه المقابلة: " إنهم لما حضروا مجلس قازان قدم لهم الطعام فأكل منه الجميع إلا ابن تيمية فقيل له لماذا لا تأكل؟ فقال: كيف آكل من طعامك وكله مما نهبتم من أغنام الناس وطبختموه بما قطعتم من أشجار الناس.. وطلب منه قازان الدعاء له فقال في دعائه: اللهم إن كنت تعلم أنه إنما قاتل لتكون كلمة الله هي العليا وجاهد في سبيلك فأن تؤيده وتنصره، وإن كان للملك والدنيا والتكاثر فأن تفعل به وتصنع "، فكان يدعو وقازان يؤمن على دعائه.
يقول الراوي: حين أخذ ابن تيمية يدعو بدأنا نجمع ثيابنا خوفا من أن يقتل في المجلس ويطرطس دمه في ثيابنا؛ فخرجنا من عنده وقلنا له: كدت أن تهلكنا معك، ثم اختلفوا في ما بينهم فسلكوا طريقا وهو مع جماعة سلكوا طريقا آخر، فما أن وصل إلى الشام إلا وهو محفوف بنحو ثلاثمائة فارس استقبلوه في أثناء الطريق وشكروه على مساعيه الحميدة التي قام بها.