للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إننا لم نتمشق الحسام ولم نخرج سيوفنا من أغمادها إلا عندما نفذ الصبر وفاض الإناء، وَوصِفْنا من الحكم العدل بأننا ظلمنا، {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} ، وإذا كان علينا أن ندفع عن أنفسنا وأن نؤدب عدونا وأن نريه أن صبرنا ما كان إلا بأمر ربنا، فلما أمرنا كان شعارنا الخالد قوله تعالى {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا} {قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين} ، ومنذ نزول هذه الآيات على رسولنا صلى الله عليه وسلم ونحن على هذا الصراط السوي نسير، فلا نعتدي على أحد ولا نقبل أن يعتدي علينا أحد، وتركنا لغيرنا حرية اختيار ما يعتقده والدين الذي يعتنقه وإثمه على نفسه، إن فرعون قال لقومه: {مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ} فلما أدركه العقاب المؤقت لإثمه في الدنيا بالإغراق، قال وهو على وشك الغوص في الماء: {وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} ، بل تركنا غيرنا يتعصب لنبي معين لا يعتقد بنبوة سواه، كما فعل اليهود والنصارى، ولم نعاملهم بالمثل لما كفروا بنبينا صلى الله عليه وسلم، بل أمنا بأنبيائهم وبكل نبي رسول من لدن نوح عليه السلام إلى النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم {لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ} ، ولا نعتبر مؤمنين على الإطلاق إذا أنكرنا واحدا منهم، ومبشروهم يجوبون الآن خلال الأرض في ظل إعلان حقوق الإنسان، ليخرجوا الناس من دينهم ويحملوهم على الإيمان بنبيهم فقط، وبوسائل تخلو من كل إنسانية، ثم يأتوا ليعتموا على الناس اعتدائهم على الأديان بليِّ ألسنتهم بكلمة (الحرية الدينية) وهم ألذ أعدائها، وحصيلة الحديث أن الإسلام يأبى بترفع أن