للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يتطفل على أحد ليعتنقه، لأن المعتنق له هو المستفيد وحده، ومنزله سبحانه لا يناله نفع ولا ضر {إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ} {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ} ، بل حتى الذي يدخل في الإسلام لا يرضينا منه إلا أن يكون مقتنعا به عاملا بالأوامر مجتنبا للنواهي، يقول في ذلك الإمام الشيخ محمد عبده:-

"إن التقليد بغير عقل ولا هداية شأن الكافرين، فإن المرء لا يكون مؤمنا إلا إذا عقل دينه وعرفه بنفسه حتى اقتنع به، فمن رُبي على التسليم بغير عقل، وعلى العمل- ولو صالحا- بغير فقه، فهو غير مؤمن، فليس القصد من الإيمان أن يذَلَّلَ الإنسان للخير كما يُذَلَّلَ الحيوان، بل القصد أن يرتقي عقله وترتقي نفسه بالعلم، فيعمل الخير وهو يفقه أنه الخير النافع المرضي لله، ويترك الشر وهو يفهم سوء عاقبته ودرجة مضرته".

فإذا كان هذا حالنا مع من يعتنق الإسلام أصلا، فهل نرغم الناس على أن يعتنقوه؟ أم أن الذين "وضعوا حقوق الإنسان" أحسّوا بأنهم يفعلون ذلك كما بينا آنفا، فراحوا يصرفون النظر عنهم. بحقوق متكلفة متصنعة؟.

أما عن الفقرة الخاصة في حقوقهم التي وضعوها، بحرية ترك ما عليه من دين والانتقال كما يشاء من دين إلى آخر، فنحن نقر ذلك تماما إذا انتقل من النصرانية إلى اليهودية إلى الشيوعية إلي البوذية إلى الهندوسية إلى آخر قائمة الكفر الطويلة؛ لأن الصورة عندنا واحدة وهى أنه ترك حقا ليس سواه، وهو الله، واعتنق باطلا يتردى في نتن أنواعه المتعددة، لا يترك واحدا منها إلا ليذهب إلى ما هو مثيله في الضلال والوبال، فلا مفاضلة بين الباطل مهما تفاحشت أنواعه وأعداده وأوساخه.