ثم إن الآية خَوَّفتْ بعد السماح بالزواج إلى أربع من شيء هو مستحيل، وهو العدل بين الزوجات {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ} ، فإذا أمكن العدل بما هو ظاهر فلا يمكن العدل بما هو باطن، وهو القلب الذي لا يقلبه إلا فاطره سبحانه، وخوفتنا الآية بلفظ الخوف الصريح {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً} ، أي الأحسن أن تكتفوا بواحدة لعدم استطاعة العدل بينهن، وأن الذي يضطر إلى الزواج بأكثر من واحدة يكون لغير الميل الغريزي، وإنما لأسباب قد يصبح التعدد فيها خيرا من الاكتفاء بواحدة.
نقول ذلك وقد أصبح الذين يعيبون على الإسلام إباحة التعدد يطالبون حكوماتهم أن تبيح لهم ذلك، لما كثرت الفواحش، وأهلكت الحربان العالميتان من الرجال ما أهلكت، بالإضافة للحروب الجانبية المنتشرة في كل أرجاء الأرض ولا تنقطع سنة واحدة، حتى زاد عدد النساء على الرجال أضعافا، وأصبحت المرأة لا تتزوج سرًّا بأربعة رجال فقطع، بل بما يحلو لها وتريد، وبعدد غير محدود، فالحمد لله على سماحة هذا الدين ودقة تشريعه. فهل لازال منا من يسأل، لماذا أباح الإسلام تعدد الزوجات؟ .
أما عن نبينا صلى الله عليه وسلم، فما أحلى الكلام في ذلك دحضا لقذر ما قالوا.
فنقول إن النبي صلى الله عليه وسلم، لم يتزوج بتسع كما قال هؤلاء وكما اشتهر على ألسن الكثير من الناس، وإنما لنزيد في غيظهم نقرر أنه صلوات الله عليه تزوج بأكثر من تسع، تزوج بإحدى عشرة، ونقصد بالزواج هنا من دخل بهن، عليهن رضوان الله، فالثابت وقوع العقد منه على غير الإحدى عشرة ولم يبن بهن، وإنما التسع اللواتي عرفهن الناس من مات عنهن وعشْنَ بعده، وهذه أسماء الإحدى عشرة كرمهن الله.