الأولى: مرحلة الكلام الهادىء، المرهب أو المرغب، وهو المعبر عنه بقوله تعالى:{فَعِظُوهُنَّ} ، ولا يكتفي بذلك بيوم ولا بأيام، وإنما بمدة تكفى للتفكر والتبصر، ولو طال هذا النصح سنة أو أكثر، فإن انتهى النشوز، وإلا فالمرحلة الثانية، وهي الابتعاد عن فراشها، فلا يمسها بمدة تشغل بالها، بنحو الخوف من أن يتجه إلى غيرها، وهو المعبر عنه بقوله تعالى {وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ} ، والغيرة عند المرأة معروفة، فإذا طال الأمر ولم تقلع، فتأتي المرحلة الثالثة وهي الضرب، ولكم أسيء إلى هذه الكلمة إساءة بالغة، سواء ممن لم يفهمها من المسلمين، أو ممن سمعها منا أعداء الإسلام المتربصين، فقالوا إن دينكم يأمر بضرب المرأة، وربما قطعت هذه الجملة من الآية بتعمد لئيم مقصود، ورددتها كثيرات من المتعلمات التعليم المعروف الذي لا صلة له بالإسلام، فلم تذكر الآية بكاملها، وإنما على طريقة {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ} و {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ} فمع أن كلمة الضرب لم تأت إلا في ثالث مرحلة قد تكون بعد سنوات يهب الوعظ والهجر، فإنها ليست بالأمر اللازم التنفيذ، بمعنى أن الزوج إذا رأى أن الجرم الذي وقع منها يوجب ضربها، ولكنه تنازل عنه ولم يضرب، فهل عليه من إثم؟، لم يقل أحد بذلك أبدا، ودليل أنه ثبت عن نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم أنه لم يستعمل هذه الرخصة أبدا، فلم يضرب واحدة من زوجاته قط طول حياته، رغم أنهن أغضبنه لأكثر من مرة كما نعلم، ثم إن معنى الضرب هنا بما أجمع عليه المفسرون أخذاً من تفسير النبي صلى ولله عليه وسلم بنفسه، بأنه ضرب غير مبرح، أي الذي لا يسيل الدم، ولا يكسر العظم، بل ولا شديد الألم، فلا يكثر من ضرب الزوجة إلا الزوج الضعيف الشخصية، حتى إن أبا حنيفة رحمه الله لا يجيز الضرب بأكبر من حجم السواك غلظا وطولا، ولعله رحمه الله أخذ هذا الحكم من قول نسب إلى ابن عباس رضي الله عنه، ومنع اللطم على الوجه أو