باليد مقبوضة لأنها قد تكسر بل قد تقتل، وإنما بعود رفيع يؤلم ولا يحطم، بنحو ما ذكر الفقهاء، ولكم أصلح هذا الضرب بصورته هذه معوجات كثيرات وناشزات، شريرات، وقد ورد أن معاوية بن حيدة رضي الله عنه قال، يا رسول الله، ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال:"أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تقبح الوجه، ولا تضرب" رواه أحمد، وكلمة (لا تضرب) أي بمعنى الضرب الغير جائز وهو المبرح، مع الابتعاد عن الوجه على أي حال.
أبعْد ذلك يقال إن الإسلام أمر بضرب المرأة وكفى؟ وأن يعصى الكثير منا أمر القرآن وحديث الرسول وسيرته مع أهله، فيغالي في الضرب بما نرى ونعلم؟ وبما يتخذه الخصوم سببا للتشويش والتشهير، مع أن ضربهم للنساء في الخارج بوحشية أصبح أمرا مألوفا عندهم.
نعود إلى الآية لما لم يجد التخويف بالضرب، فتكون المرحلة الرابعة عندما يتحول الأمر إلى شقاق {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا} ، واشترطت الآية الحَكَم الذي لا يميل مع هوى القرابة {إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} ، فإرادة الإصلاح ونيته لا بدّ أن توجد عند الحكمين، ولو وجداه في الانفصال بعد محاولة الوصال أولاً فلا بأس باعتباره آخر مرحلة. وقيل إن عمر رضى الله عنه أرسل حكمين إلى زوجين، فعادا ولم يصهل ولم يفصلا، فضربهما بالدرة قائلا: إنكما لم تريدا إصلاحا كما قال الله، ولو أردتماه لأصلح الله بكما.
وأخيرا إذا لم يفد ذلك كله يأتي خامس المراحل وهو الطلاق، وعندئذ يكون أبغض الحلال ويغن الله كلا عن الآخر من سعته {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلاًّ مِنْ سَعَتِهِ} ، هذا هو الطلاق عندنا، فإذا فعل أحدنا غير ذلك، فهل يكون من تقصير الدين أم تقصير الجاهلين.