الآية الخامسة قوله تعالى:{أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ} الآية (٧٨) من سورة القصص.
الآية السادسة قوله تعالى:{أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} الآية (١٤) من سورة اقرأ.
وقد تضمنت هذه الآيات بيان قدرة الله تعالى على كل شيء، وعلمه بكل شيء على وجه التوكيد في الآيات الست.
ومعنى همزة الاستفهام مع هذه الصيغة الواردة في هذه الآيات كلها: التقرير، أي قد علمتَ أيها المخاطب أَنّ ... أو قد علم أَنّ ...
وفي الآية الخامسة التي تتحدث عن قارون، تدل الهمزة على التقرير والتوبيخ معاً، تدل على التقرير بمعنى: أن قارون قد علم إهلاك الله تعالى من عاشوا قبله، وتدل على توبيخه أَن لم يعظه علمه هذا، ولم يمنعه من الاغترار بكثرة ماله وقوته.
وفي الآية السادسة، تدل همزة الاستفهام على التقرير والتوبيخ والوعيد جميعا، التقرير بمعنى أن أبا جهل قد علم أن الله تعالى يراه، وعلى توبيخه أَن لم يعمل بما يقتضيه علمه هذا، وعلى الوعيد بالعقاب والعذاب من جراء أنه نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة وقال:"واللات والعزى لئن رأيته يفعل ذلك لأطأن على رقبته ولأعفرن وجهه في التراب"[١] .
وإعراب (ألم تعلم) ظاهر، والخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم، ولكل من يصلح للخطاب، وأنّ وخبرها في تأويل مصدر سدّ مسدّ مفعول (تعلم) ، وأكد متعلق العلم في الآيات الأربع الأولى اهتماما بشأن الخبر ومزيد عناية به.
أما في الآية الخامسة ففاعل (يعلم) ضمير مستتر يعود على قارون، والواو الواقعة بين همزة الاستفهام و (لم) عاطفة على ما قبل الهمزة، وقد أكد متعلق العلم في هذه الآية لتنزيل قارون منزلة المنكر؛ لأنه لم يعمل بمقتضى علمه.