أولاً تطوير مفهوم الشعر: كان الشعر في مفهوم المحافظين صناعة متقنة، تقوم على مجموعة من القواعد والقوانين، يحذقها أصحاب التراث الموضوعيون من نقاد ولغويين وبلاغيين، والشاعر هو القائل الفصيح أولاً. وقد رفض الديوانيون هذا المفهوم وقدموا مفهوماً جديداً، يكون الشعر فيه إبداعا يعبر عن ذات الشاعر، ويصور عالمه الداخلي بكافة مناحيه، وطاقاته النفسية وملكاته الإنسانية، ويصدر عن الشعور، ويضطرب بالعاطفة؛ يقول عبد الرحمن شكري عن الشعر:((هو كلمات العواطف والخيال والذوق السليم، فأصوله ثلاثة متزوجة، فمن كان ضئيل الخيال أتى شعره قليل الشأن، ومن كان ضعيف العواطف أتى شعره ميتاً لا حياة فيه؛ فإن حياة الشعر في الإبانة عن حركات تلك العواطف، وقوته مستخرجة من قوتها، وجلاله من جلالها، ومن كان سقيم الذوق أتى شعره كالجنين ناقص الخلقة)) [٥] .
وهناك تعريفات مشابهة لتعريف عبد الرحمن شكري أوردها العقاد والمازني في ثناب انقدهم، تؤكد التفاف الأعلام الثلاثة حوله المفهوم ذاته.
ثانياً: تطوير مضمون الشعر: اهتم الشعراء المحافظون بالقضايا العامة أكثر من اهتمامهم بالوجدان الفردي، فلما جاء الديوانيون عملوا- بتأثير قوي من الرومانسية الإنكليزية التي تأثروا بها- على توجيه الشعر نحو الذات، وطلبوا من الشاعر أن يهتم باستبطان وجدانه قبل كل شيء، وأن يعبر عن إحساساته بحرية تامة.