أما زميلي الدكتور فقد نفعته هنا أناته السودانية، التي يحبها الله ورسوله الله صلى الله عليه وسلم، فقد كان كلّما قطع مجموعة من الدراجات، وقف على شرفة المقابلة لها في المنارة يشم الهواء، ويستجم، ثم يصعد هكذا فوصل إلى قمة دون أن يتعب. وإذا ذاك تذكرت قول الرسول الله صلى الله عليه سلم، "إن المنبت لا أرضًا قطع ولا ظهر أبقى" ولكنها دروس لعلي أستفد منها، وعندما نزلنا عددنا الدرجات، فكان عددها مائتين وعشرة درجات.
تقليد الأعمى:
وفي طريق رأينا المرور يوقفون سائقي الدراجات النارية، ويلزمنهم بدفع غرامة، فظننت ذلك بسبب عدم حمل الرخصة أو الاستمارة، ولكن رأينا من يلبس المغفر على رأسه لا يوقف؛ فسألت الأخ فيض الرحمن، فقال: إنهم يلزمون السائقين بوضع المغفر على رأسهم، وهو في الغرب كذلك-قلت: مع حالة الباكستانيين هذه، وحاجتهم إلى المال، ينفقون على أنفسهم، يلزمونهم بشراء المغفر البريطاني؟ ثم قلت: الظاهر أن الشركة التي تصنع المغافر لها يد في هذا الإلزام، فقال زميلي بيلو: لعل بعض ضباط المرور زار بعض البلدان الأوروبية فرجع بالفكرة. ولكن أخانا فيض الرحمن أراد أن يسلينا بقصة، وقعت لبعض أعضاء الجماعة الإسلامية؛ فقد أوقفه جندي المرور وطلب منه دفع الغرامة، فقال له: أتريد أن تأخذ مني مالا وأنا من الجماعة الإسلامية؟ أن مال الذي تأخذه الجماعة أحق به فكيف تطيب نفسك بأخذه؟ فتركه الجندي فذهب دون أن يدفع شيئا.
عدنا بعد ذلك إلى المنصورة؛ لنأخذ حقائبنا اليدوية ونذهب إلى مطار لاهور، هناك وجدنا الأخ خليل الحامدي الذي دعنا، وهو وبعض أعضاء جماعة، ونحن ودعناهم وشكرناهم على كرم الضيافة، وشكوت فيض الرحمن الذي أتعبني بصعود درج منارة المسجد إلى الأخ خليل، فابتسم وقال لعلك تعود وقد ركب في المنارة مصعد كهربائي، فلا تتعب مرة أخرى إن شاء الله.