ثم ذهبنا إلى قصور بعض الحكام السابقين، وهي أثرية، ذات بناء قوي، لازالت أسوارها قائمة، وكان وقت السماح بدخولها قد انتهى، فذهبنا لمسجد قريب منها يقع بقربه قبر الشاعر المسلم محمد إقبال، الذي يقف في كل ركن من أركان ساحته جندي مسلح، وعندما سألنا فيض الرحمن عن السبب، قال: لم يكن هذا موجودا من قبل، والظاهر أن الجنرال ضياء الحق أراد منع الناس من التبرك به، لأنهم كانوا يأتون إلى قبره، ويتبركون به. ويسمى الجامع الذي بجانبه: شاهي مسجد، ويقدر أساس المسجد بأربعة عشر قدما، وله منارة عالية تشرف على مدينة لاهور كلها، فقال الأخ فيض الرحمن، هل تريدون أن نصعد إلى أعلى هذه المنارة والناس يصعدون فعلافقلت له: نحن في هذه الليلة سوف لا نرتاح فإنا سنسافر إلى كراتشي، ثم نبقى في المطار إلى أن نسافر إلى المملكة في الصباح، فإذا صعدنا فإن ذلك سيزيدنا إرهاقا. فألح علينا، فوافقت، وأخذنا نصعد وكان فيض الرحمن أمامي وأردت أن أكافئه إلحاحه بإتعابه، فكنت أقول له أصعد، كلما أراد أن يقف وهكذا صعدنا إلى أعلى المنارة دون أن نقف، وعندما وصلنا هناك كان الأمر بالعكس، ففيض الرحمن تعب ولكنه لم يصب بما أصبت به أنا فقد أصبت بدوار شديد، وهبوط في الجسم، وتصبب العرق حتى كنت أظن أنني سأطلب الإسعاف في ذلك الوقت، قلت لقد أدبني ربي فأحسن تأدبي، أردت أن أوقع صاحبي في شيء وقعت فيه أنا، لذلك قعدت قليلا حتى عاد إلي نفسي وارتحت.