وقد يسلم من النقد الشخص الخامل الذي لا يعمل ولا يدرى عنه الناس أين يقع؟ وهذا ذكرني ببعض طلبة الجامعة الإسلامية عندما كنت مسئولا عن شئون الطلاب، وكنا نقوم برحلات يخدم فيها الطلب أنفسهم، بل ويتحملون هم نفقاتها. فكان، بعضهم نشيطًا في العمل، فانتقد النشطون. وفي مرحلة أخرى تواطأ هؤلاء النشطون ألا يعملوا، فلم يوجه إليهم نقد، وإنما وجه إلى غيرهم ممن قام بالعمل. والمثل يقول: وويل للشجي من الخلي.
* من لاهور إلى كراتشي:
أقلعت بنا الطائرة من مطار لاهور الحادية عشرة وخمسة عشرة دقيقة، من مساء يوم الخميس الموافق ٢٩/٨/١٣٩٨هـ.
هبطت في مطار كراتشي في الساعة الثانية عشرة والدقيقة الخمسين، وفور نزولنا وجدنا الأخ خليق أحمد ومعه صديق له ينتظراننا، ومعهما حقائبنا التي كنا تركنها عند الأخ خليق عندما سافرنا إلى لاهور. فشكرنهما على ذلك، وكنا نفكر فيما نفعل، أنذهب إلى أحد الفنادق لننام إلى وقت المقرر في حضوره في آخر الليل أم نبقى في المطار إلى الصباح؟
وكان الأخ خليق يفضل الأولى، أما زميلي الدكتور فإنه فضل الثانية، وعلل ذلك بأن الوقت ضيقة وأعصابنا مشدودة للسفر فإما أن نبقى في الفندق بدون نوم، أو ننام ويخشى أن تفوتنا الرحلة ونحن متعبون، فوافقت الزميل حتى لا نختلف، وللقناعة بتعليله وطلبنا من الأخ خليق أن يعود إلى بيته لينام، لأنه مقيم، ونحن مسافرون، ففعل بعد تردد؛ لأنه يريد أن يبقى معنا إلى أن نغادر المطار.
ويسر الله لنا مقعدين فارغين في لحظة من اللحظات، وهذه اللحظة أنذر من الكبريت الأحمر، لقلة المقاعد وكثرة من يريد القعود وجاء الزميل بعربة نقل الأثاث، فرصصنا حقائبنا عليها، وقربناها منا وقعدنا متلذذين بالقعود؛ لأن الناس واقفون، ومنهم القاعد في الأرض، بل ومنهم النائم.