٨- هذا. وقد حاولت جهدي أن يكون وصفي لأخلاق الغربيين وعاداتهم عادلاً غير جائز، وقد يغضب غاضبون ما لذكري بعض أوصافهم المحمودة، كالتقيد ببعض الأنظمة المفيدة، والنظافة والجدّ في الأعمال المادية النافعة، غير أني أنطق في تحليلي لتلك الأخلاق الإيجابية، وغيرها من أخلاقهم الذميمة السلبية من منطلقي العقدي الذي أدين الله تعالى به، وهو الإسلام فأزنها كلها بميزانه، وأشير إلى أن أخلاقهم المحمودة مبنية على غير أساس، ولذلك شبهت حضارتهم المادية ببالون الأطفال الذي يعجبهم منظره ولكنه سرعان ما ينفجر فيصبح مزقا ترمى في القمامة، وقد يغضب أيضا لهذا غاضبون، وليس غضب هؤلاء ولا أولئك بضائر؛ لأن الله قد أمرنا بالعدل في كتابه ولو كان الذي يستحقه مبغوضا عندنا شرعا، كما قال تعالى:{وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} .
إذا وجدت في الإنسان صفتان: إحداهما محمودة، والأخرى مذمومة، فالحق أن يحمد على ما يحسن ويذم على ما يقبح ولا يجوز الثناء عليه مطلقا، ولا ذمه مطلقا ولقد أحسن، الشاعر إذ قال:
الشيب كره وكره أن أفارقه
فاعجب لشيء على البغضاء محمود
وصلى الله وسلم على سيدنا وحبيبنا ونبينا ورسولنا محمد وعلى آله وأصحابه