ثم إنه بعد ذلك حصن الحصن ودربه وبنى فيه دار الإمرة وهو بيت ريب وهو أول من أسسه وجعل فيه من يثق به من أهل مذهبه، ثم بنى بيت ريبة ودرب الجبل من كل ناحية وجعل له بابين، وبنى بيت الريبة قصرا وسماه دار التحية فعند ذلك أحل ما حرم الله وكان يجمع أصحابه في ذلك القصر ونسائهم ويرتكبون الفواحش، وأقام يحارب من حوله من القبائل ويبعث إليهم بالعساكر، فأبادهم وأخذ أموالهم وقتل رجالهم حتى دخلوا في طاعته كارهين ذلك، واستولى على جميع مخاليف المغرب قهرا، واستعمل عليهم رجلا من أهل مذهبه يقال له: أبو الملاحف، فأقام بناحية جبل (تيس) واليا للمنصور، وخرج بنفسه وعساكره إلى بلاد (شارو) فاستفتحها وحاصر صاحبها أبا إسماعيل الشاوري سبعة إلى مسور ثم خرج إلى ناحية (شبام) أشهر حتى استنزله من حصنه ورجع حمير [١٢] فأقام يحاربهم لمدة طويلة وخرجت عساكره إلى ناحية المصانع من بلدة حمير فاقام هناك في مراكز الحمير فتحموا عليه وقتلوا جماعة من عسكره فانهزموا إلى مسور، فغفل عنهم أياما يسيرة وعامل رجلا يقال له: الحسين بن جراح وكان في الضلع (ضلع شبام) واليا على أن يعضده على شبام ويكون أمرها إليه فعاقده على ذلك وخرج بنفسه وعساكره وقام معه الحسين بن جراح ففتح (شبام الأهجر) فأخرج منها بني حوال وحمل إلى مسور جميع ما غنمه من مسالك بني حوال وأموالهم.
وأقام شهرا، وندم ابن الجراح على ما كان منه في معاملته وخاف على نفسه وحالف رجلا يقال له: ابن كبالة من قواد بني حوال كان واليا على صنعاء؛ فجاش ابن كبالة بقبائل حمير وهمدان وخالف ابن جراح القرمطي فصاروا في وجهه وابن كبالة يقابله على درب شبام، فضاق حال الملعون القرمطي وخرج منهزما بالليل هو وأصحابه إلى مسور فذكرا أنّه ما خرج إلا بنفسه، وترك خيله وأقام في شبام حتى رجع لها القرمطي ثانية، وذلك عند دخول علي بن فضل صنعاء، وأنا أذكر ما كان منهما لعنهما الله.