قلت: وقد ثبت عن كعب الأحبار أن ابتداء الخلق كان يوم الأحد كما سبق بيانه وفي هذا الحديث الذي أخرجه مسلم لو كان ما ذكره الإمام البخاري في تاريخه صحيحا لكان التعارض واقعا بين قولي كعب الأحبار كما لا يخفى فما هو الراجح.
وقال الشيخ أحمد عبد الرحمن الساعاتي في الفتح الرباني [١٨] بعد إيراده حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: وقوله يوم السبت فيه رد زعم اليهود أنه ابتدأ في خلق العالم يوم الأحد وفرغ يوم الجمعة، واستراح السبت، قالوا: ونحن نستريح فيه كما استراح الرب. وهذا من جملة غباوتهم، وجهلهم، إذ التعب لا يتصور إلا على حادث. قال تعالى {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} ثم ذكر تخريج الحديث. وأورد في الحديث الساعاتي في نفس المجلد [١٩] وأحال على الصفحة الثامنة من هذا المجلد.
والمقصود من هذا النقل هو بيان ما وقعت فيه شبهة التعارض بين نص القرآن الكريم وبين حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه الذي صححه الحفاظ والنقاد، كمسلم، ويحيى ابن معين، والدولابي، والبيهقي، والثقفي وابن مندة، كما نقل هذا التصحيح فضيلة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني في صحيح الجامع الصغير [٢٠] ويقول أنه تكلم على هذا الحديث في الأحاديث الصحيحة برقم ١٨٣٣ وهذا الجزء لم يطبع حتى الآن، ولما جمع حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه في متنه التخليقين في وقتين متغايرين ظهر التعارض الظاهر وإلاّ فليس هناك تعارض البتة كما قيل ونقل أنفا.