ولما لم يرد ذكر خلق السماوات في حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أثار الإشكال في بعض الأذهان مع بقية التعارض الظاهري. قال الإمام المناوي في فيض القدير [٢١] وقال بعضهم: هذا الحديث في متنه غرابة شديدة، فمن ذلك أنه ليس فيه ذكر خلق السماوات، ثم ذكر بقية الكلام، وهكذا نقل عنه الشيخ أَحمد الساعاتي في الفتح الرباني [٢٢] أجاب عن هذا الإشكال العلامة المعلمي في الأنوار الكاشفة [٢٣] ، إذ قال رحمه الله تعالى أما الوجه الأول فيجاب عنه بأن الحديث وإن لم ينص على خلق السماء فقد أشار إليه بذكره في اليوم الخامس النور، وفي السادس الدواب، وحياة الدواب محتاجة إلى الحرارة، والنور والحرارة مصدرهما الإجرام السماوية. والذي فيه أن خلق الأرض نفسها كان في أربعة أيام كما في القرآن، والقرآن إذ ذكر خلق الأرض في أربعة أيام، لم يذكر ما يدل أن من جملة ذلك خلق النور والدواب، وإذ ذكر خلق السماء في يومين لم يذكر ما يدل أنه في أثناء ذلك لم يحدث في الأرض شيئا، والمعقول أنها بعد تمام خلقها أخذت في الخطور بما أودعه الله تعالى فيها، والله سبحانه وتعالى لا يشغله شأن عن شأن اهـ.
قلت: هذا الذي ذكره لم يعزه إلى النقل الصحيح من الكتاب والسنة أو إجماع الأمة أو إلى مصادر أخرى ينبغي الاعتماد عليها. وأنا قد سألت عن هذا الموضوع بعض من يدرس العلوم الكيماوية والجيولوجية فقال: أن الأمر لصحيح مائة في المائة وقد تكلم على هذا الموضوع كلاما طويلا، ولكن البحث في حاجة إلى التدقيق والتحقيق العلمي والله تعالى أعلم بالصواب.