للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا كنا رجحنا القول بأن الإعادة عن تفريق، لاعن عدم محض، وأن الله عز وجل يفرق أجزاء الأجسام، ثم يعيدها، فما هو الجواب على ما استدل به القائلون بانعدام الأبدان، من قوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ} (القصص: آية ٨٨) . وقوله تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} (الرحمن: آية ٢٦) .

يرى القائلون بتفرق الأبدان أن الاستدلال بهاتين الآيتين على انعدام الأبدان كلية ضعيف. ذلك أن التفريق هلاك كالإعدام، لأن هلاك الشيء هو خروجه عن صفاته التي كان عليها وزوال التأليف والتركيب الذي به تصلح الأجزاء لأفعالها وتتم به منافعها ومثل الهلاك الفناء عرفا، فإن البدن إذا تغير بحيث أصبح ترابا، فقد صار في حكم المعدوم من حيث تغير صورته، وكل ما يمتاز به من مقوماته، وقد قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} إنه إخبار من الله تعالى أن جميع أهل الأرض سيذهبون ويموتون، أجمعون. وكذلك أهل السماوات إلا من شاء الله، ولا يبقى أحد سوى وجهه الكريم فإن الرب تعالى. هو الحي الذي لا يموت. قال: وهذه الآية كقوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ} [٢٩] فعلى هذا التفسير يتضح أن المقصود من الآيتين هو موت الأحياء جميعا، وتغير صورهم، بل وصور الأشياء جميعا، كما تقدم توضيحه في كلام ابن القيم.

والله أعلم.


[١] جواد علي تاريخ العرب قبل الإسلام ص ١٢٦ج ٦.
[٢] ابن كثير، التفسير ج٢١٢.
٣]] محمد بن إسماعيل البخاري صحيح البخاري كتاب التفسير باب ونفخ في الصور ... رقم الحديث ٤٨١٤ من فتح الباري ج ٨ ص ٥٥١.
وقول أبو هريرة ((أبيت)) معناه أبيت أن أجزم بأن المراد أربعون يوما ... الخ بل الذي أجزم به أنها أربعون مجملة وذلك الذي سمعت.