ومعنى الآيتين فيما يقوله الإمام ابن كثير: اتبع ما أنزل إليك من ربك يا محمد، وأعرض عن المشركين، فإنهم لا يغنون عنك بل ولا عن بعضهم شيئاً ولا يزيدون أنفسهم إلا خساراً ودماراً وهلكاً، والله ولى المتقين، أما الكفار فلا مولى لهم إلا الطواغيت الذين يخرجونهم من النور إلى الظلمات.
ويقول الإمام الشوكاني: الشريعة في اللغة: المذهب، والملة، والمنهاج، ويقال: لمشرعة الماء وهي: مورد شاربيه شريعة، ومنه الشارع لأنه طريق إلى المقصد. فالمراد بالشريعة هنا: هو ما شرعه الله لعباده من الدين، والجمع شرائع- أي جعلناك يا محمد على منهاج واضح من أمر الدين يوصلك إلى الحق، فاعمل بأحكامها في أمتك، ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون توحيد الله وشرائعه لعباده، وهم كفار قريش ومن وافقهم. فهم لا يدفعون عنك شيئا مما أراده الله إن اتبعت أهواءهم، إذ أن الظالمين أنصار ينصر بعضهم بعضا، والله ناصر المتقين وهو وليهم، لأنهم الذين اتقوا الشرك والمعاصي [١] .
ويقول الشيخ عبد الرحمن السعدي: المعنى: شرعنا لك شريعة كاملة تدعو إلى كل خير وتنهى عن كل شر من أمرنا الشرعي. فاتبعها فإن في اتباعها السعادة الأبدية والصلاح والفلاح. ولا تتبع أهواء الذين تكون أهويتهم غير تابعة للعلم ولا ماشية خلفه، وكل من خالف هواه وإرادته شريعة الرسول صلى الله عليه وسلم، فإنه من أهواء الذين لا يعلمون. فهؤلاء لا ينفعونك عند الله فيحصلوا لك الخير ويدفعوا عنك الشر، إن اتبعتهم على أهوائهم، ولا يصلح أن توافقهم وتواليهم فإنك وإياهم متباينون، ولذلك كان الظالمون بعضهم أولياء بعض. والله ولي المتقين يخرجهم من الظلمات إلى النور بسبب تقواهم وعملهم بطاعته [٢] .