تعليقات هامة حول هذه النقول عن السلف رضى الله عنهم:
(أ) يتبين من هذه النقول لأول وهلة أن مسألة تحديد المسافة، التي هي مناط الرخصة في القصر والفطر، ليست سهلة كما يظن بعض أهل العلم من المعاصرين، بل هي مسألة قد تباينت فيها آراء السلف تباينا كبيرا، فقد ترواحت تقديراتهم من ثلاثة أميال إلى مسيرة ثلاثة أيام كما أوضحتها هذه النقول:-
(ب) إن تحديد هذه المسافة هي مناط الرخصة في القصر والفطر، فما يصلح دليلا لقصر الصلاة يصير تلقائيا دليلا على تحقق رخصة الفطر في السفر، فقد قال عطاء: تفطر إذا قصرت وتصوم إذا أوفيت الصلاة [١٨] .
كما صرح بذلك كثير من أهل العلم [١٩] .
(جـ) كثرة هذه الآراء في تحديد مسافة الفطر في السفر تشير بوضوح إلى أنه لم يرد دليل صريح من السنة يحدد هذه المسافة التي تناط فيها الرخصة، وكل ما ورد في ذلك، أمران:
أولهما: ما ورد في غزوة الفتح من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان، فصام حتى بلغ كُراع الغميم، فصام الناس، ثم دعا بقدح من ماء فرفعه حتى نظر الناس إليه، ثم شرب فقيل له بعد ذلك: إن بعض الناس قد صام، فقال:"أولئك العصاة أولئك العصاة " [٢٠] .