للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما المسافر فقد شرع له الفطر والقصر دفعا للمشقة الحاصلة من السفر والمشقة قد تحصل بدون ذلك.

ثانيا: أن الحديث قد ورد بيوم وليلة ويومين وثلاثة أيام، فاختيار رواية اليوم والليلة دون اليومين أو الثلاثة تحكم.

ثالثا: تقدير مسيرة اليوم التام- أو اليوم والليلة- بأربعة برد أيضا فيه تحكما لاختلاف الناس والدواب من حيث الجد في السير وعدمه والقدرة على تحمل سير المسافات الطويلة ودون ذلك، فقد تقطع هذه المسافة في أقل من يوم بالدواب السريعة النشيطة ومن باب أولى إذا كان السفر بالسيارة أو الطائرة، وقد يبطئ في السير فيقطع هذه المسافة في أكثر من هذه المدة.

ويجاب عن هذه المناقشات بما يلي:

بالنسبة للمناقشة الأولى: بأن الاستدلال بحديث ابن عمر وأبي هريرة- الوارد في حق منع المرأة من السفر يوما وليلة إلا إذا كان معها محرم- هو استدلال تام وفي موضعه، لأن القصد من الإتيان به، ليس هو قياس السفر الذي تناط به الرخصة على سفر المرأة، حتى يقال بوجود الفارق بين الأمرين، بل المراد منه هو تفسير لفظ السفر، بأنه ما كان مسيرة يوم وليلة، أي أن لفظ السفر الوارد في الآية كان محتملا لسير المسافات البعيدة القريبة دون تحديد فجاء هذا الحديث وأطلق لفظ السفر على ما كان مسيرة يوم وليلة. أي أن المسافة إذا كانت تقطع في أقل من هذا الزمن عادة بالدابة المتوسطة، فلا يطلق على من قطعها أنه سافر سفرا تتحقق فيه رخصة الفطر أو القصر.

وبالنسبة للمناقشة الثانية، فان اختيار رواية يوم وليلة دون بقية الروايات الأخرى الواردة في حق سفر المرأة ليس فيه تحكم؛ لأن ما ورد في هذه الهواية هو أقل ما يطلق عليه لفظ السفر الذي تناط به الرخصة؛ لأن هذا الحديث يعتبر مبينا للمعنى المراد من السفر ومحددا له. والحدود يؤخذ فيها بأقل ما قيل فيها، كما يقال إن أقل الجمع ثلاثة، وفي لسان الشرع: الجماعة اثنان فما فوقهما وهكذا.