كيف تغاضيت عن قول الزيات:"كانت الوحدة المحمدية كلية عامة لأنها قائمة على العقيدة ولكن"، ثم انظر كيف استدرك على الوحدة المحمدية، استدرك بقوله:"ولكن العقيدة قد تضعف وقد تتحول"، قبح من استدراك وقبح من رضي به ...
ثم يقول عن وحدة صلاح الدين:"وكانت الوحدة الصلاحية قائمة على السلطان"هكذا ثم استدرك استدراكا آثما بقوله: "ولكن السلطان قد يضعف وقد يزول".
ثم جاء بالوحدة التي لا استدراك عليها في رأيه الخائب بقوله:"أما الوحدة الفلانية فلها ضمانات الاشتراكية في الرزق والحرية في الرأي والديمقراطية في الحكم".
وبذالك فاقت هذه الأخيرة الوحدتين السابقتين وكانت أمكن منهما لقوله بعد ذلك:"وهذه الضمانات لها البقاء والخلود".
لقد سخر القدر أيما سخرية من القزم الذي تطاول على أمثل وحدة بجعلها دون وحدة عبيد أو زيد بأن انفصمت ومزقت شر ممزق وحدة عبيد هذه بعد بضعة أيام من لوثة الزيات، ولكنه لم يرعو ولم يصحح خطأه بعد هذا الانفصام الشنيع.
إن هؤلاء الذين قرنت الزيات بهم كانوا من متانة الخلق والدين بمكان؛ فهذا الشيخ علي يوسف والمنفلوطي وغيرهم رغم ظروفهم القاسية لم تزل بهم قدم كما زلت بصاحبك، أما الرافعي فلو كان حيا ساعة لوثة الزيات لصنع له سفودا أذاب به شحمه وورمه وكان جديرا بأن ينسيه وساوس الشيطان رحم الله الرافعي رحمة واسعة.
أكانت تعاليم محمد - صلى الله عليه وسلم - أقل حرية وديمقراطية من عبيد أو زيد، أيعقل هذا كبرت كلمة تخرج من فيه، ومع هذا وبعد هذا تجعله أيها الصديق من عباد الله المخلصين وتستمطر رحمة الله عليه بقولك:"رحم الزيات رحمة واسعة وجزاه على ما أسلفه من خير للعرب والأدب أحسن ما يجزي عباده المخلصين".
أي إخلاص يا صديقي، إن كان ثمة إخلاص فهو إخلاص للمردة والشياطين، ولن يكون بحال إخلاصا لرب العالمين.