للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أيها الشاعر: زن دعاءك كما تزن شعرك، ولا تخبط كما يفعل الذين لا يعلمون، فلقد هوى الزيات بسقطته إلى الدرك الأسفل من النفاق.

ولا يجمل بمثلك أن تمر على هذه الزلة الشنيعة مر المتستر على الجريمة، أو مر من آوى محدثا، لكأني بك إنما أردت الوفاء للزيات بعد غيبه الثرى، ولكن يا صديقي إن هذا الوفاء في غير محله، إذ كيف توفى لرجل لم يوف هو لنفسه بل خان حياته وماضيه، فخسر نفسه ثم انظر كيف حط من قيمة صلاح الدين رحمه الله، وذلك بقوله: "أما الوحدة الصلاحية فقد قامت على السلطان ... الخ"، فكأنه يقول إنها قامت لمجرد السلطان وليس لله فيها شيء، ومن هذا الذي حط من شأنه، إنه قاهر أوربا الصليبية مجتمعة، ولكن هل يستغرب هذا من رجل حط من وحدة خير البشر جميعا.

أو كأنك - يا صديقي - إنما أردت تعمل بقول بعضهم: "اذكروا محاسن موتاكم"وما هو إلا كلام عامي لا يزن بميزان الحقيقة شروى نقير؛ بل الواجب التبيان حتى لا ينخدع قارئ بمديحك له فكان الواجب أن تذكر بدلا من هذا قوله تعالى: {قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُون َلا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} ، ولا شك أن اعتباره وحدة الرسول - صلى الله عليه وسلم - دون وحدة عبيد أو زيد تلك التي ولدت ميتة لهو أكبر استهزاء بالله ورسوله.

كان الأولى بك أن تقذفه بشعرك التهكمي حتى بعد موته حتى لا ينخدع قراؤك ويمرون المسألة كأن لم يكن هناك شيء من مثل هذا الشعر الذي أنشدتنيه يوم أن كنا معا بالزقازيق الذي قلته في كفيف مصر:

كفيف بمصر (طوى) المبصريـ

ن وأمسى يقود زمام العلوم

وسوف يعين عما قريب

بحلوان يرصد فيها النجوم

وسقطة الزيات طمت وزادت على زلة الكفيف.

والأدهى والأمر ألا يعتنق الزيات الزيغ والضلال إلا عندما شارف أجله على الانتهاء في اللحظة التي يؤمن فيها الكافر ويتقي الفاجر ـ نعوذ بالله من سوء الخاتمة ـ