أما ما عدا هذه الجرائم من مخالفات، وسبق ضرب أمثلة لها- فقد ترك التصرف بشأنه لولي الأمر فيؤدب المخطئ عن طريق ما يسمى في الفقه الإسلامي بالتعزير، والتعزير: التأديب؛ وهو عقوبة لم تحدد الشريعة مقدارها، وتركت للقاضي التقدير الملائم لنوع الجريمة ولحال المجرم وسوابقه.. ولقد أعطى الشارع قاضي المسلمين صلاحية فرض العقوبة المناسبة والتي يراها كفيلة بتأديب الجاني وإصلاحه، وحماية الجماعة وصيانتها وهى تبدأ بالزجر والنصح، وتتراوح بينهما الحبس، والنفي والتوبيخ، والغرامات المالية، ومصادرة أدوات الجريمة. والحرمان من تولي الوظائف العامة، ومن أداء الشهادة.. الخ.. وقد تصل إلى أشد العقوبات كالحبس والجلد والقتل وذلك في الجرائم الخطيرة، كالتجسس لحساب العدو مثلا، أو معتاد الجرائم الخطيرة [٧] .
وبعد: فإنه لا يزال البعض يتحرج من إقامة حدود الإسلام. ويثير حول عجاجة من غبار، ويصفها بالقسوة والشدة، وعدم مسايرتنا لروح العصر الذي ارتقت فيه المدارك. والطباع الإنسانية، ولكن يبدو أن هؤلاء يجهلون فقه الحدود الإسلامية، وحكمتها، ولا يعرفون متى تقام ومتى لا تقام، ومتى يؤخذ بتلابيب المجرم. ولهؤلاء وأمثالهم أسوق الفقرات التالية في مغزى الحدود والملابسات المحيطة بها، والظروف التي تراعى إقامتها، وأثرها في القضاء على الجريمة، وفي سلامة المجتمع وأمنه، فنقول والله المستعان.