٣- لا يرى الإسلام العقوبة غاية في ذاتها، ولكنه يراها وسيلة - ضمن وسائل كثيرة أخرى - لتقويم النفس الإنسانية وكفها عن الانحراف؛ ولذلك فإن الإسلام لا يتربص بالمجرم لكي يوقع عليه العقاب، ولا ينتظر عثرة العاثر ليبطش به أو ينتقم منه، إنه طالما نصح بالستر عليه لعله يتوب أو يستغفر، دليل ذلك قوله عليه الصلاة والسلام:"تعافوا الحدود بينكم فما بلغني من حد فقد وجب"[١٦] ، وعنه صلى الله عليه وسلم:"اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عز وجل عنها فمن ألم فليستتر بستر الله عز وجل، فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه الحد"[١٧] ، وقال عليه الصلاة والسلام:"من ستر مسلما ستره الله يوم القيامة"[١٨] . ويكره الإسلام أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا حتى لا تجرح أعراض الجماعة المسلمة. ويلوث جَوَّها بالقيل والقال.. ولما جاء ماعزا إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال لهزال - رجل حرضه على الإقرار-: "لو سترته بثوبك كان خير لك"[١٩] . ويروى أن ماعزا مرّ على عمر قبل أن يقر فقال له عمر:"أأخبرت أحدا قبلي"، قال:"لا". قال:"فاذهب فاستتر بستر الله تعالى وتب إلى الله، فإن الناس يعيرون ولا يغيرون، والله تعالى يغير ولا يعير، فتب إلى الله تعالى ولا تخبر به أحدا". وذهب إلى أبى بكر فقال مثل ما قال عمر، ثم ذهب إلى هذا الرجل الذي لامه النبي صلى الله عليه وسلم فأمره بما أقر به [٢٠] .. وهذا يدل على أن الجريمة إذا ارتكبت في غير إعلان ينبغي سترها وعدم كشفها.