والقصص في القرآن الكريم كثيرة، منها قصة إبراهيم عليه السلام مع الأوثان والنمرود.... وقصص نوح وهود وصالح مع أقومهم.. وقصة موسى مع فرعون وبني إسرائيل، وقصة مريم وزكريا وعيسى مع اليهود والرومان ...
وكلها تعرض دعوة الحق والتوحيد، وتقيم الأدلة على صحتها وسلامتها، وتبين آثارها ونتائج الأخذ بها واعتناقها..
كما تعرض العقائد الفاسدة من عبادة الأوثان، والأصنام، واتخاذ الآلهة مع الله ... وتقيم البراهين على فساد هذه العقائد، وما حل بالكافرين والمشركين، والعصاة من عذاب وعقاب ومن هذه القصص القصة التي جمعت سليمان عليه السلام، والهدهد وملكة بلقيس.
وستظهر لنا من خلال تتبعنا لمشاهد هذه القصد عظمة القصص القرآني، وروعة صياغته وعظيم نفعه، وتصدره قمة القصص الرفيع الذي حوى كل أصول الأدب العالي، من جودة العرض وجمال الصورة، وإيضاح الفكرة، وقوة الحركة، وتناسب المشاهد، وحسن العرض. إن هذه القصة إثبات للخالق سبحانه وتعالى ووحدانيته، ودعوة إلى عقيدة التوحيد ونبذ غيرها من سائر العقائد الفاسدة..
وهي ذات مشاهد وأحداث، وأبطال، وصراعات، ومفاجآت ... وأعاجيب تفوق الأساطير، بيد أنها حقائق واقعة بقدرة من لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء ولا تشاهد في هذه القصة آدميين فحسب، وإنما تشاهد فيها الجن، ومن هو فوق الجن قوة وعلما.. كما تشاهد فيها الطيور تتكلم، والحشرات تنطق، كل بلغته، وكل يؤدي دوره في صدق، وقوة وإخلاص بين يدي سيده سليمان الذي علمه الله منطق الطير وآتاه من كل شيء فضلا منه سبحانه وتعالى عليه.
في القصة تنطق النملة بنصح قومها وإشفاقها عليهم.. ويدعو الهدهد إلى الإيمان بالذي يخرج الخبء في السموات والأرض ويعلم ما خفي وما علن..
ويعمل الجن بين يدي الملك، ومن يزغ منهم عن أمره يذقه من عذاب أليم.