للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن ذلك أنه فقد يوما درعه فوجدها بيد يهودي فقاضاه إلى قاضيه شريح، وتقدم فجلس إلى جنب القاضي وقال: لولا أن خصمي يهودي لاستويت معه في المجلس، ولكني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "أصغروهم ممن حيث أصغرهم الله". فقال القاضي: قل يا أمير المؤمنين فقال: نعم هذه الدرع التي في يد هذا اليهودي درعي لم أبع ولم أهب، فقال شريح: ايش تقول يا يهودي، قال: درعي وفي يدى، فقال شريح: ألك بينة, يا أمير المؤمنين؟ قال نعم، قنبر والحسن يشهدان أن الدرع درعي. فقال شريح: شهادة الابن لا تجوز للأب. فقال علي: رجل من أهل الجنة لا تجوز شهادته؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة"!! فقال اليهودي: أمير المؤمنين قدمني إلى قاضيه وقاضيه قضى عليه, أشهد أن هذا هو الحق، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله، وأن الدرع درعك وحسب على شهادة علي عدله ورحمته وحكمته أن يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: "علي مع القرآن والقرآن مع علي لا يفترقان حتى يردا على الحوض" رواه الطبراني في الأوسط والصغير عن أم سلمة رضي الله عنها.

ومن هنا كانت سياسة علي قرآنية تعتمد على الصدق والوفاء والعدل والرحمة والحكمة بعيدة عن الخداع والمكر والدهاء وهي عناصر تقوم عليها سياسة أبناء الدنيا في كل زمان ومكان، وأما ابن أبى طالب رضي الله عنه فما أبعده عن هذه الأجواء والمناخات الوبيئة الخانقة التي لا تصلح لحياة الربانيين مثل علي رضي الله عنه.

ونختم هذا الفصل في الحديث عن عدل علي وسياسته بكلمة قالها فيه أحد الغربيين:

قال: "كان علي يعوزه حزم الحاكم ودهاؤه, برغم ما كان يمتاز به من الفضائل الكثيرة، فقد كان نشيطا ذكيا بعيد النظر بطلا في الحرب، مشيرا، حكيما، وفيا شريف الخصومة، نبغ في الشعر والبلاغة واشتهرت خطبه وأشعاره في الشرق الإسلامي.