إن وفاة علي رضي الله عنه كانت بالكوفة ليلة الأحد التاسع عشر من رمضان سنة أربعين هجرية وذلك أنه لما انتهت معركة الجمل وعاد علي رضي الله عنه إلى الكوفة، خرج معاوية بن أبي سفيان ومن معه من أهل الشام خرجوا عنه رضي الله عنه، فبلغ ذلك عليا فسار إليهم فالتقوا بصفين في شهر صفر سنة سبع وثلاثين، واقتتلوا ودام القتال أياما، فرفع أهل الشام المصاحف يدعون إلى ما فيها، وكان ذلك مكيدة منهم دبرها عمرو بن العاص، فكره الناس الحرب، وتداعوا إلى الصلح، وحكموا الحكمين. فحكّم علي أبا موسى الأشعري وحكّم معاوية عمرو بن العاص، وكتبوا بينهم كتابا على أن يوافوا رأس الحول بأذرح [١] ، فينظروا في أمر الأمة، فافترق الناس، ورجع علي إلى الكوفة ومعاوية إلى الشام، فخرج على علي رجال من أصحابه وقالوا لا حكم إلا لله، وعسكروا بحروراء [٢] فسموا بذلك الخوارج، فبعث إليهم علي رضي الله عنه ابن عباس فخاصمهم وحاجهم فرجع منهم أناس كثير إلى طاعة علي رضي الله عنه، وثبت على الباطل منهم أناس كثير وساروا إلى النهروان وعرضوا للسبيل فسار إليهم علي فقتلهم بالنهروان وذلك سنة ثمان وثلاثين. واجتمع الناس بأذرح في شعبان من هذه السنة، وحضرها سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر وغيرهما من الصحابة. فقدم عمرو بن العاص أبا موسى الأشعري مكيدة منه فتكلم وخلع عليا، لأن أصل التحكيم كان على أساس أن يُخلع كل من معاوية وعلي، وتختار الأمة بعد ذلك برضاها من شاعت، غير أن عمرو استعمل دهاءه فقدم أبا موسى ليتكلم ويخلع صاحبه ففعل، ولما تكلم عمرو لم يخلع صاحبه- معاوية- بل أقره، وبايع له. فتفرق الناس على هذا، وصار على علي خلاف من أصحابه، حتى كان يعض على إصبعه ويقول: أعصى ويطاع. وهنا انتدب ثلاثة من الخوارج أنفسهم لقتل علي ومعاوية وعمرو بن العاص بحجة أنهم هم الذين فرقوا كلمة المسلمين وشتتوا أمرهم، وكان الخوارج الثلاثة عبد الرحمن ملجم المرادي، والبرك بن