عبد الله التميمي، وعمرو بن بكير التميمي وقد اجتمعوا بمكة وتعاهدوا على أن يقتل عليا ابن ملجم، ويقتل معاوية البرك، ويقتل عمرو عمرو بن بكير. على أن يتم ذلك في ليلة واحدة وهي ليلة السابع عشر من رمضان. فأما قاتل معاوية فإنه لم يتمكن منه، وأما قاتل عمرو فإنه لم يقتل عمرو، وإنما قتل خارجة، لأنه تربص بعمرو عند باب المسجد فلم يخرج عمرو تلك الليلة لأنه كان مريضا فانتدب قاضيه خارجة بن حذافة ليصلي بالناس فضربه ظنا منه أنه عمرو ابن العاص فقتله، ولما تبين له أنه لم يقتل عمرا قال أردت عمرا وأراد الله خارجة فكانت مثلا سائدا بين الناس. وأما قاتل علي فقد تمكن منه عند خروجه من منزله وهو ذاهب إلى المسجد لصلاة الصبح وبموت علي رضي الله عنه انتهت الخلافة الراشدة، وانتقلت إلى العضوض كما ورد بذلك الخبر.
واستشهد علي وعمره ثلاث وستون سنة فرضي الله عنه وأرضاه، ومن كراماته أنه قال لابنه الحسن: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم الليلة وقلت له: يا رسول الله ماذا لقيت من الأمة من الأود واللدد [٣] ؟ فقال لي ادع الله عليهم فقلت: اللهم أبدلني بهم خيرا منهم، وأبدلهم بي شرا لهم مني وما أن فرغ من قص رؤياه على الحسن حتى ناداه مناديه للصلاة فخرج من الباب ينادي أيها الناس الصلاة الصلاة فاعترضه ابن ملجم فضربه بالسيف فأصاب جبهته إلى قرنه وكان ذلك صبيحة الجمعة فأقام الجمعة والسبت وقبض ليلة الأحد فرضوان الله عليه في المؤمنين، وسلامه عليه في المسلمين.
لا تشيرن علي ...
أوصى ابن هبيرة ولده فقال:
لا تكن أول مشير، وإياك والهوى والرأي الفطير، ولا تشيرن على مستبد، ولا على وغد ولا على متلون ولا لجوج.
وخف الله في موافقة هوى المستشير، فإن التماس موافقته لؤم، وسوء الاستماع منه خيانة.