بعد هذه المبارزة الفردية التي أثارت العواطف الحربية بين جوانح المحاربين لا يمكن أن يطول انتظار الغزاة، وأخذ الرسول صلى الله عليه وسلم يعدل جيشه كتفا بكتف في صفوف متلاصقة كالبنيان المرصوص. وأخذ يكبح شكيمة هؤلاء المتعجلين الذين يريدون أن يتقدموا الجميع إلى القتال فيلاقوا مصرعهم دون فائدة تعود على المسلمين، ومن هؤلاء سواد بن غزيَّة، فقد برز من صفه فضربه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدح (سهم) كان في يده وقال: "استو يا سواد". فقال: يا رسول الله أوجعتني وقد بعثك الله بالحق والعدل فَأقِدْني, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اقتصً مني" فقال سواد كيف وقد ضربتني على بطني العريان.
- وهنا يتجلى حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على إقامة العدل بين أمته، ليبين أنه لا فرق بين حاكم ومحكوم ولا بين الرسول صلى الله عليه وسلم وواحد من قومه في ميزان العدل لنأخذ منه عليه الصلاة والسلام الأسوة الحسنة:
فيكشف له الرسول صلى الله عليه وسلم عن بطنه ويقول:"استقد يا سواد"؟ فاعتنقه سواد فقبل بطنه. فقال صلى الله عليه وسلم:"ما حملك على هذا يا سواد"؟ فقال: يا رسول الله حضر ما ترى فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك"فدعا له رسول الله بخير [١٢] .