ولما دنا المشركون قال الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه:"قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض"والتأميل في الآخرة هو بضاعة الأنبياء. وهل لأصحاب العقائد، وفداء الحق من راحة إلا هناك، وعمل هذا التحريض عمله في القلوب المؤمنة.
فقال عمير بن الحمام الأنصاري:"لا يا رسول الله جنة عرضها السموات والأرض: قال: "نعم". قال: بخ بخ. قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: ما يحملك على قول: بخ بخ، قال: لا والله يا رسول الله إلاّ رجاء أن أكون من أهلها؟. فقال الرسول- صلى الله عليه وسلم-: "فِإنك من أهلها".
فأخرج تمرات من قرنه فجعل يأكل منهن. ثم قال: "لئن أًنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إِنها حياة طويلة، فرمى ما كان معه من التمر ثم قاتلهم وهو يقول رضي الله عنه:
إلا التقى وعمل المعاد ركضا إلى الله بغير زاد
وكل زاد عرضة النفاد والصبر في الله على الجهاد
غير التقى والبر والرشاد [١٥]
فما زال حتى قتل رحمه الله [١٦] .
واشتد القتال، وقتل سادات قريش، لأن المسلمين كان هَمُّهم الأكبر هو استئصال سادات قريش، فقد عذبوهم بمكة، وصدوهم عن المسجد الحرام. وقُتل من قُتل، وفرّ من فر, وانتصر جيش المسلمين وكانت معركة بدر في صالح محمد- صلى الله عليه وسلم- ورجاله وولى أهل مكة الأدبار كاسفا بالهم، خاشعة من الذل أبصارهم لا يكاد أحدهم يلتقي بنظر صاحبه حتى يواري وجهه خجلاً من سوء ما حل بهم جميعا.
ثالثا: تسجيل لمواقف الخزي والعار بالنسبة لقريش ورجالها