للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يمكن القول بأن أول الغزوات التي استهدفت حماية المدينة من ناحية الشمال والمحافظة على تجارتها القادمة من الشام.. تلك الحملة التي خرج فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم في أواخر شهر ربيع الأول من السنة الرابعة من الهجرة النبوية إلى منطقة عرفت (بدومة الجندل) [١] وبينها وبين دمشق خمس ليال.. وكان بهذه البلدة عصابة تعرضت لتجارة المدينة، وأضرت بها ضررا بليغا.. بل بلغ من فسادها أن فكرت في الإغارة على المدينة ذاتها.

أما عن أخبار هذه الغزوة المباركة فقد ذكر مؤرخو السيرة أن الرسول صلى الله عليه وسلم خرج في ألف من المسلمين. كانوا يسيرون ليلا ويكمنون نهارا, حتى وصلت بعد خمس عشرة ليلة إلى (دومة الجندل) وفاجأ الرسول أهل هذه البلدة الظالمة فاستاق النّعَم والشاء وهرب أهل البلدة ورجال حربها وتفرقوا. فأقام صلى الله عليه وسلم أياما وبث السرايا في أنحاء المناطق المجاورة, ثم رجع الرسول بعد أن أقام أياما بما غنم, وقد خلع القلوب رهبة من فدائية رجاله.. وهيبة جلاله.. ولعل هذا الامتداد إلى الشمال هو الذي دفع الأحزاب أن تتماسك وتتعاهد على محاربة الرسول في المدينة مرة أخرى بعد غزوة أحد.