واستطرادا لمعجزات الرسول صلى الله عليه وسلم التي ظهرت في هذه الغزوة, نذكر أنه حدث في عودتهم من تبوك أن فرغ الزاد فاستأذن المسلمون في نحر ركائبهم من الإبل، فأذن لهم رسول الله، وعلم عمر بن الخطاب بذلك فطلب إلى الناس أن يمسكوا ولا يفعلوا حتى يراجع رسول الله, ودخل عمر فقال للرسول:"أذنت للناس في حمولتهم يأكلونها؟ "فقال: "أذنت لهم أن تنحر الرفقة البعير والبعيرين ويتعاقبون فيما فضل من ظهر, وهم قافلون إلى أهليهم" فقال: "يا رسول الله، لا تفعل فإن يَكُ في الناس فضل من ظهر يكن خيراً، ولكن ادع بفضل أزوادهم، ثم اجمعها فادع الله فيها بالبركة كما فعلت في منصرفنا من الحديبية فإن الله سيستجيب لك ... "فنادى مناديه: "من كان عنده فضل زاد فليأت به"، وأمر الأنطاع [٢٤] فبسطت، فجعل الرجل يأتي بالمد من الدقيق والسويق أو التمر، أو القبضة من الدقيق أو الكسر، فيوضع كل صنف على حدة، وكل ذلك قليل. ... ثم توضأ صلى الله عليه وسلم وصلى ركعتين ودعا الله تعالى ثم نادى مناديه:"هلموا إلى الطعام خذوا منه حاجتكم ". فأقبل الناس، فجعل كل من جاء بوعاء ملأه, فقال بعضهم: لقد طرحت يومئذ كسرة من خبز وقبضة من تمر, ثم رأيت الأنطاع تفيض، فجئت بجرابين فملأت أحدهما سويقا والآخر تمراً، وأخذت في ثوبي دقيقا كفانا إلى المدينة, فجعل الناس يتزودون حتى اكتفوا عن آخرهم، والرسول صلى الله عليه وسلم واقف يقول:"أشهد أن لا اله إلا الله وأني عبده ورسوله, وأشهد أنه لا يقولها أحد من حقيقة قلبه إلا وقاه الله حر النار"[٢٥] .