وبعد وصول الشيخ زين الدين بن علي إلى بوناني وبناء مسجده المدرسي فيها، أصبحت هذه المدينة منار النور والعرفان ومحط رجال العلم والأدب القادمين من أرجاء الهند ومن مصر وسوريا، فكان من بين المدرسين في هذا الجامع الشيخ شهاب الدين أحمد بن حجر الهيتمي (المتوفى سنة ٩٠٩ هـ) . ووضع الشيخ تصميم هذا المسجد الجامع، بحيث يصلح لأن تعقد فيه حلقات الدروس، ويقيم في زواياه وأروقته طلبة العلم الذين يفدون إليه من خارج المدينة. وقام بالتدريس فيه كبار أساتذة العلوم الإسلامية والعربية مثل الشيخ (ابن حجر الهيتمي) المذكور. وتخرج من هذا المركز العلمي عدد كثير من العلماء الأعلام في علوم الإسلام واللغة العربية، منهم نجل الشيخ زين الدين وحفيده، الشيخان عبد العزيز بن زين الدين، وزين الدين بن عبد العزيز المعروف بزين الدين الثاني، فكانوا من جلّة العلماء الهنود في الفقه والتوحيد والتاريخ الإسلامي في الهند، وأصحاب مؤلفات عديدة باللغة العربية في هذه المواضيع.
وكان من العلماء الدعاة الذين درسوا العلوم الإسلامية في هذا الجامع المدرسيّ الشهير والدي المرحوم الشيخ مقار المولوي- المتوفى سنة ١٩٦٩م- الذي قضى سنوات عمره كله في الدعوة إلى الله بالوعظ والإرشاد. وبتوجيه من والدي، قضيت فترة من الزمن, في الثلاثينات من هذا القرن، في مدينة (بوناني) أتلقى العلوم الإسلامية والعربية في جامع الشيخ زين الدين، حسب النظام القديم المتبع فيه جيلا بعد جيل.